للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يستفهم، ولو كان استفهامًا ما أعطاه عبد الملك مائة من الإبل برعاتها». (١)

فقد وقف أبو عبيدة عند أسلوب الاستفهام في الآية وخروجه عن معنى الاستفهام إلى معنى النهي، واستشهد عليه بالشعر.

٢ - وقال أبو عبيدة في موضعٍ آخرَ وهو يُبَيّن الالتفاتَ في سورة الفاتحة: «ومَجازُ مَنْ جَرَّ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} [الفاتحة: ٤] (٢) أَنَّهُ حَدَّث عن مُخاطبةِ غائبٍ، ثُمَّ رَجَعَ فخ اطبَ شاهدًا فقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا} [الفاتحة: ٥، ٦]. قال عنترةُ بنُ شدادٍ العبسيِّ:

شَطَّتْ مَزارُ العاشقينَ فَأَصْبَحَتْ ... عَسِرًا عليَّ طِلابُكِ ابنةَ مَخْرَمِ (٣)

وقال أبو كبيرٍ الهذليُّ:

يا لَهْفَ نفسيَ كانَ جِدَّةُ خالدٍ ... وبَياضُ وَجهكَ للترابِ الأَعْفَرِ (٤)». (٥)

وهذا بيان لأسلوب الالتفات في الآيات الكريمة، وله أمثلة أخرى في القرآن الكريم (٦)، وهو أسلوب عربي له أمثلة كثيرة في الشعر العرببي، اكتفى أبو عبيدة بشاهدين منها. والالتفات عند البلاغيين هو «انصرافُ المتكلِّمِ عن المخاطبة إلى الإخبار، وعن الإخبار إلى المخاطبة وما يشبه ذلك». (٧) وله تعريفات أخرى غير أنَّ أَيَّ انتقالٍ من أسلوبٍ من أساليبِ الخطابِ إلى آخر يعد نوعًا من الالتفات، مأخوذ من التفات الرجل من جهةٍ إلى جهةٍ.

٣ - ومن الأمثلة أيضًا قول ابن قتيبة في تفسير قوله تعالى: {وَمَا


(١) مجاز القرآن ١/ ١٨٣.
(٢) الفاتحة ٤.
(٣) انظر: ديوانه ٢٧.
(٤) انظر: ديوان الهذليين ٢/ ١٠١.
(٥) مجاز القرآن ١/ ٢٣.
(٦) كما في الآية من سورة يونس.
(٧) البديع لابن المعتز ٥٨، العمدة في صناعة الشعر ونقده ٢/ ٤٦، معجم المصطلحات البلاغية لمطلوب ١٧٤.

<<  <   >  >>