للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عبد الله بن رواحة:

ثُمَّ لا يُنْزَفُونَ عنها ولكنْ ... تُذهِبُ الهَمَّ عنهمُ والغَليلا

في جِنانِ الفِرْدوسِ ليس يَخافونَ ... خُروجًا منها ولا تَحويلا (١)

وقال الله تعالى - وهو أَصْدقُ قِيلًا: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١)} [المؤمنون: ١١] (٢)». (٣) وقال في رده على أبي حاتم السجستاني أن معنى الفارض: التي ليست بصغيرة جدًا، ولا كبيرة جدًا، يعني بينهما في السن: «وهذا خطأ منه؛ لأن الفارض عند العرب المسنة الهرمة، الدليل على هذا قول أبي ذؤيب:

لَعَمْرِي لقد أَعطيتَ ضيفَكَ فارِضًا ... تُساقُ إليهِ لا تقومُ على رِجْلِ

ولم تُعطهِ بِكْرًا - فَيَرضَى - سَمينةً ... فكيف تُجازَى بالعطيَّةِ والبذلِ (٤)

وقال الله جل وعلا - وهو أصدقُ قيلًا: {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة: ٦٨] (٥) فالفارض: المسنة». (٦)

وهذا دليلٌ على عناية الكوفيين بالاستشهاد بالقرآن الكريم، والنص على ذلك، وتقديمه على الاستشهاد بالشعر، مع كثرة محفوظهم من شواهد الشعر، غير أنهم لم يرتضوا منهج أمثال أبي عبيدة في كثرة اعتداده بشاهد الشعر دون القرآن على وجه الخصوص. (٧) وقد أصبح هذا الأمر محل إجماع عند العلماء فيما بعد حتى قال ابن خالويه: «قد أجْمعَ الناسُ جَميعًا أن اللغة إذا وردت في القرآن فهي أفصح مما في غير


(١) فات جامع ديوانه وليد قصاب، ولم أجدهما عند غير ابن الأنباري، وانظر: الزاهر لابن الأنباري ١/ ٥٠٣، ٢/ ١٩٦.
(٢) المؤمنون ١١.
(٣) المذكر والمؤنث ١/ ٤٩٨ - ٤٩٩، وانظر: ١/ ٥٢٢، ٥٢٦.
(٤) البيتان ليسا في ديوان الهذليين ولا في التمام لابن جني، وهما في الأضداد لابن الأنباري ٣٢٩.
(٥) البقرة ٦٨.
(٦) المذكر والمؤنث ١/ ٥٣٢ - ٥٣٣.
(٧) انظر: حياة الشعر في الكوفة ليوسف خليف ٦٥٦.

<<  <   >  >>