للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكثيرة في «مجاز القرآن» لأبي عبيدة، وغريب القرآن لابن قتيبة وغيرهما، وأكتفي ببعضها، فمن فمن أمثلة ذلك:

١ - عند تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: ٧] (١) قال أبو عبيدة: «أي: غِطاءٌ، قال الحارثُ بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة (٢):

تَبِعْتُكَ إذ عيني عليها غِشاوَةٌ ... فلمَّا انْجَلَتْ قَطَّعْتُ نفسي أَلومُها (٣)». (٤)

والغِشَاوةُ: الغطاءُ، في قول جميع المفسرين (٥)، وأهل اللغة. (٦)

وفي مثل هذه الألفاظ التي ليست محل خلاف بين اللغويين يكتفي أبو عبيدة وغيره بالشاهد الشعري الواحد للاستشهاد على اللفظة، وأما إذا كانت لفظةً شديدةَ الغرابة، أو أسلوبًا غير معتاد لبعض العرب، فإنه يزيد في شواهدها، كما في شواهده عند تفسير قوله تعالى: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النمل: ٢٥] (٧) فقد أورد لها ثلاثة شواهد (٨)، وقد تبعه في ذلك الزجاج وذكر السبب في إيراده عددًا من الشواهد فقال عند توجيهه لقراءة التخفيف في قوله تعالى: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ}: «ومَنْ قرأَ بالتخفيف - أَلا يَسْجدو (٩) - فـ «ألا» لابتداء الكلام


(١) البقرة ٧.
(٢) هو الحارث بن خالد بن هشام المخزومي القرشي، شاعر إسلامي، عاش حتى خلافة سليمان بن عبد الملك. أدركه أبو عمرو بن العلاء وسأله عن مسائل من اللغة. انظر: الأغاني ٣/ ٣١١، خزانة الأدب ١/ ٢١٧.
(٣) انظر: مجموع شعره ١٣٧ - ١٣٨، الأغاني ٣/ ٣١٧، الحماسة البصرية ٢/ ٨٤٢.
(٤) مجاز القرآن ١/ ٣١.
(٥) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١/ ٢٧١، تفسير ابن كثير ١/ ٧١، الدر المنثور ١/ ١٥٥.
(٦) انظر: تهذيب اللغة ٨/ ١٥٤، لسان العرب ١٠/ ٧٦ (غشا).
(٧) النمل ٢٥.
(٨) انظر: مجاز القرآن ٢/ ٩٣ - ٩٤.
(٩) قرأ بها من العشرة أبو جعفر والكسائي ورويس عن يعقوب، وقرأ بها ابن عباس والزهري وغيرهم. انظر: السبعة ٤٨٠، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١٥٦، حجة القراءات ٥٢٦.

<<  <   >  >>