للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في شرحه: «أي: اكتئابٍ، وكسوفٍ، وحُزنٍ» (١)، وهذا موافق لتفسير مجاهد المتقدم.

٢ - ومن أمثلة انفراد الشاهد الشعري بالاستشهاد عند الفراء عند تفسير قوله تعالى: {أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} [البقرة: ٢٣٥] (٢) قال: «للعَرَبِ في أَكْنَنْتُ الشيءَ إذا سَتَرتَهُ لُغتانِ: كَنَنْتُهُ وأَكْنَنْتُهُ، قال: وأنشدوني قولَ الشاعر:

ثلاثٌ مِنْ ثلاثِ قُدامياتٍ ... من اللاتي تَكُنُّ من الصَّقيعِ (٣)

وبعضهم يرويه: تُكِنُّ، مِن أَكْنَنْتُ». (٤) وقد نقل مقالة الفراء هذه أهل اللغة عنه، فهو من ثِقاتِهم. (٥) وقال الطبري: «ولم يُسْمَع كَنَنْتُهُ في نَفْسي» (٦)، غير أنه روي عن أبي زيد: كَنَنْتُ الشيءَ وأَكْنَنْتُه في الكِنِّ، وفي النَّفسِ مثلُها. (٧) فدل على جوازها، وقد سُمِعتْ في قول الشاعر الإسلامي أبي قطيفة الأموي:

قد يكتمُ الناسُ أَسرارًا فأَعلمُها ... وما يَنالونَ حتى الموتِ مَكْنُوني (٨)

وما فسَّر به الفراء اللفظةَ لم يُخالف فيه أحدٌ من المفسرين. (٩)

وأما أمثلة انفراد الشاهد الشعري بالاستشهاد في كتب غريب القرآن


(١) مجاز القرآن ١/ ١٩٢.
(٢) البقرة ٢٣٥.
(٣) لم أقف على قائله، وقداميات: يعني بها قوادم ريش الطير، وهي أربع ريشات في مقدم الجناح. انظر: اللسان ١١/ ٦٧ (قدم).
(٤) معاني القرآن ١/ ١٥٢.
(٥) انظر: تهذيب اللغة ٩/ ٤٥٢، الصحاح ٦/ ٢١٨٨، لسان العرب ١٢/ ١٧٢ (كنن).
(٦) تفسير الطبري (شاكر) ٥/ ١٠٢، المحرر الوجيز (قطر) ٢/ ٣٠٦، الجامع لأحكام القرآن ٣/ ١٩٠.
(٧) انظر: تهذيب اللغة ٩/ ٤٥٣، الصحاح ٦/ ٢١٨٩.
(٨) انظر: الأغاني ١/ ١١.
(٩) انظر: المحرر الوجيز (قطر) ٢/ ٣٠٦، الجامع لأحكام القرآن ٣/ ١٨٩ - ١٩٠، تفسير ابن كثير ١/ ٤٢٢.

<<  <   >  >>