للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكثر ما يستشهد أصحاب المعاني والغريب والمفسرون بشعر العجاج وابنه رؤبةَ على غريبِ القرآنِ واللغةِ (١)، وقد كان هذا مشهورًا عند العلماء المتقدمين حتى إِنَّهُ نَقَلَ العسكريُّ عن الأصمعي قوله: «تقولُ الرواةُ والعلماءُ: مَنْ أرادَ الغريبَ فعليهِ بشعرِ هُذيلٍ ورَجزِ رؤبةَ والعجّاجِ، وهؤلاء يجتمع في شعرهمُ الغريبُ والمعاني. ومَن أراد الغريبَ من شعرِ المُحدَثِ ففي أشعار ذي الرُّمَّةِ. ومَن أراد الغريب الشديد الثّقةِ ففي شعر ابن مقبلٍ، وابن أحمرَ، وحُميد بن ثورٍ الهلاليِّ، والراعي، ومزاحمٍ العقيليّ». (٢)

وهذا الذي ذكره الأصمعي ظاهر في تطبيق أصحاب معاني القرآن وغريب القرآن والمفسرين في العناية بشعر هؤلاء الشعراء، وكثرة شواهدهم. فذو الرمة قد ورد من شواهده عند أبي عبيدة واحد وثلاثون شاهدًا، وعند الفراء - مع قلة نسبته للشواهد - ستة عشر شاهدًا، وعند ابن قتيبة سبعة عشر شاهدًا، وأكثر من ذلك من شواهد العجاج ورؤبة، وفي الجدول السابق، وما ذكرته في كتب التفسير ما يبين صحة هذا.

وبقية الشعراء يظهر تباين عدد شواهدهم في كتب أصحاب المعاني والغريب من خلال الجدول السابق.

ثالثًا: قد يكون هناك سبب خاص يقتضيه المقام للاعتماد على شعراء عَصرٍ بعينه دون آخر، وهو أن المعنى الذي يستشهد له هو المعروف عند أهل هذا العصر دون من قبلهم، مما يدل على أن اللفظة قد طرأ عليها تطور دلالي.

ومن أمثلة ذلك لفظة «الحَنيف»، فقد ذكر أبو عبيدة ما طرأ على


(١) انظر: دراسة لغوية في أراجيز رؤبة والعجاج للدكتورة خولة تقي الدين الهلالي، فقد درست أراجيز الشاعرين دراسة لغوية شملت غريب اللغة في شعرهما، وصنعت لذلك معجمًا لغويًا جيدًا.
(٢) المصون في الأدب ١٦٩.

<<  <   >  >>