للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معناها من تطور فقال: «الحَنيفُ في الجاهليةِ مَنْ كان على دين إبراهيم، ثُمَّ سُمي مَن اختَتَن وحَجَّ البيت حنيفًا لَمَّا تناسخت السنون، وبقي من يعبد الأوثان من العرب، قالوا: نحن حنفاء على دين إبراهيم، ولم يتمسكوا منه إلا بِحجِّ البيت، والخِتان. والحَنيفُ اليومَ: المسلمُ. قال ذو الرمة:

إذا خَالفَ الظِلّ العَشيَّ رأَيتَهُ ... حَنيفًا، ومِنْ قَرْنِ الضُّحَى يَتنَصَّرُ (١)

يعني الحرباء». (٢) ومعنى البيت أن هذه الحرباء تستقبل القبلة بالعشي، وتستقبل المشرق بالغداة وهي قبلة النصارى (٣).

واستدلال أبي عبيدة بشعر ذي الرمة الشاعر الإسلامي (ت ١١٧) مقصود، فلم يكن يؤدي المعنى المقصود الاستشهاد بشعر الجاهليين، لأنه يريد الدلالة على معنى الحنيف في زمنه، وكيف تغير معناه مع الزمن، وهذا قد يكشف عِلَّةَ اختيار المفسرين وأصحاب المعاني للشواهد للدلالة على معنى اللفظة في زمن دلالة معين دون غيره.

وقد نقل الأزهري مثل هذا القول عن الأخفش في المقصود بالحنيف (٤) وهذه اللفظة من الألفاظ التي تطورت معانيها من الجاهلية إلى الإسلام، ثم استقرت في القرآن بمعنى تلك الفئة التي أخلصت عبادتها لله، ونبذت عبادة الأصنام والأوثان قبل الإسلام وبعده (٥).

خامسًا: تَبَيَّنَ من خلال الجدول التزام أصحاب كتب معاني القرآن وغريب القرآن بِما تقرر في الاحتجاج بشعر الشعراء، والوقوف عند شعراء بعينهم، وأبو عبيدة من العلماء الذين وضعوا هذه المقاييس،


(١) ديوانه ١/ ٣١٦، وانظر: نهاية الأرب ١٠/ ١٦١.
(٢) مجاز القرآن ١/ ٥٨.
(٣) انظر: المحرر الوجيز (قطر) ٢/ ١٨.
(٤) انظر: تهذيب اللغة ٥/ ١١٠.
(٥) انظر: سورة آل عمران ٦٧، النساء ١٢٥، يونس ١٠٥، البينة ٥ ومواضع تفسيرها في كتب التفسير. وكتاب التطور الدلالي بين لغة الشعر ولغة القرآن لعودة أبو عودة ١٥٧ - ١٦١.

<<  <   >  >>