للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشعر والشعراء تدل على سعة روايته واطلاعه ومعرفته بالشعر. (١)

٣ - يأتي بعد ذلك الفراء في كتابه «معاني القرآن»، حيث جعل الشاهدَ الشعريَّ دليلًا قويًا يستند إليه في شرح غريب ألفاظ القرآن، وشرح تراكيبه، وإن كان الشعر عنده يأتي في مرتبةٍ متأخرةٍ بعد استشهاده بآيات القرآن والمنقول في التفسير عن السلف. غير أن الفراء قد أغفل نسبة معظم الشواهد الشعرية في كتابه المعاني، ولم يُعْنَ بتوثيق نسبتها لقائليها، فقد نسب الفراء ما نسبته ٩.١٧ % فقط من مجموع شواهده التي بلغت ٧٨٥ شاهدًا، وهي نسبة ضئيلة، مِمّا جعل بعضَ الباحثين يذهب إلى أنَّ الفراء كان هو رائدَ هذا المنهج الذي سار عليه كثير من المفسرين بعد ذلك، وهو عدم العناية بنسبة الشواهد الشعرية لقائليها كما عند الزمخشري في الكشاف، فقال: «ويبدو أن الفراء كان صاحب الأثر الأكبر في هذا الأمر؛ لأنه لم ينسب أكثر أبياته التي رواها وتوسع في الأخذ بها عن الأعراب، فظلَّ صنيعهُ في المُفسِّرينَ سنةً قائمةً، ومعظم شواهده التي رواها في التفسير غير منسوبة». (٢) ولكن بعد طباعة معاني القرآن للأخفش، وموازنته بكتاب الفراء يظهر أن الأخفش هو صاحب هذا المنهج في إغفال نسبة الشواهد الشعرية، فقد ظهر بإحصاء نسبة الشواهد المنسوبة في كتابه أنه لم ينسب من شواهده التي بلغت ٣١٧ شاهدًا إلا ثلاثين شاهدًا، وأغفل ٢٨٧ شاهدًا، ونسبة المنسوب لديه لا تمثل إلا ٩.٤٦ % من مجموع شواهده، وهي نسبة تكاد تتطابق مع نسبة ما نسبه الفراء بعده وهي ٩.١٧ % من مجموع شواهده. وذلك لأن الفراء قد بنى كتابه على كتاب الأخفش كما ذكر الأخفش نفسه، حيث سئل عن


(١) انظر: أبو حاتم السجستاني الراوية للدكتور سعيد الزبيدي ٤٤، عيون الأخبار لابن قتيبة ٤/ ١٩ - ٣٧، كتاب المعاني الكبير له ١/ مقدمة المعلمي، الشعر والشعراء ١/ ٤٨.
(٢) الأدوات النحوية في كتب التفسير لمحمود الصغير ٧٩٧.

<<  <   >  >>