للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، فذكر اتصاله بالكسائي وقال: «فلما اتصلت الأيام بالاجتماع سألني - أي الكسائي - أن أؤلف له كتابًا في معاني القرآن، فألفت كتابًا في المعاني، فجلعه أمامه، وعمل عليه كتابًا في المعاني، وعمل الفراء كتابًا في ذلك عليهما». (١) مِمَّا يعني سَبْقَ كتاب الأخفش على كتابي الكسائي والفراء، وتأثر الفراء بكتاب الأخفش في المنهجية، حتى في توثيقه للشاهد الشعري الوارد فيه، فقد سار على طريقتهِ في إغفالِ مُعظمِ شواهدهِ، وقد قَبِلَ العلماءُ ما رواه الفراء عن العربِ ثقةً بنقلهِ وعدالته.

٤ - يُعَدُّ أصحاب كتب غريب القرآن - أبو عبيدة، وابن قتيبة- أكثر عناية بنسبة الشاهد الشعري لقائله كما اتضح من الجدول، في حين لم يَنْسِب أصحابُ معاني القرآن - وهم الفراء، والأخفش - إلا عددًا قليلًا من شواهدهم الشعرية. فقد نسب الفراء ما نسبته ٩.١٧ % من مجموع شواهده التي بلغت ٧٨٥ شاهدًا، ولم ينسب الأخفش إلا ما نسبته ٩.٤٦ % من مجموع شواهده التي بلغت ٣١٧ شاهدًا، واختلف عنهم ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن فنسب ما نسبته ٨١.٩٩ % من شواهده التي بلغت ٣٦١ شاهدًا، فاختلف بذلك عن أصحاب كتب المعاني، وهو ليس من كتب المعاني على وجه الدقة، ولم يعده أحد منها، وإنما أضفته للدراسة لكونه مُكمِّلًا لكتابه الآخر غريب القرآن من جهة، ولكونه قد عُني بِجانب الدراسة البلاغية من جهةٍ أخرى بطريقةٍ سار عليها مَنْ بعده في دراسة أساليب القرآن الكريم كما فعل ابن فارس في كتابه «الصاحبي» (٢) مع اعتماده في ذلك على الشاهد الشعري.


(١) بغية الوعاة ١/ ٥٩٠.
(٢) طُبِعَ الصاحبي عدة طبعات، منها طبعة البابي الحلبي بتحقيق السيد أحمد صقر، وطبعة بدران للنشر ببيروت بتحقيق مصطفى الشويمي، وانظر بحث بعنوان: «الصاحبي لأحمد بن فارس: دراسة تحليلية مقارنة في أصول نشره ومنهج تحقيقه للدكتور عبد العزيز بن عبد الكريم التويجري، بمجلة الدرعية، العدد ٢٩، ص ١٨٩ - ٢٤٢.

<<  <   >  >>