للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأَمّا الأخفشُ في كتابه «معاني القرآن» الذي سبق الفراء والكسائي بتأليفه، فقد ذكر المُحقِّقُ عدد شواهده الشعرية فقال: «يُمثِّلُ الشاهدُ من الشعر في «معاني القرآن» رُكنًا مُهمًّا من أركانه، ففي ثَمانٍ وثَمانين ومائة ورقة جرى الاستشهاد بالشعر في سبعة عشر وثلاثمائة موضع ... ومن هذا يتضح أن الاستشهاد كان بمعدل ستة عشر موضعًا في كل عشر ورقات. وإذا كان التكرار في الاستشهاد قد حدث ستًا وثلاثين مرة، يصبح مجموع الشواهد واحدًا وثمانين ومئتي شاهد وهو عدد ضخم». (١)

ثُم أوضح المُحققُ منهجَ الأخفش في نسبة شواهده الشعرية فقال: «ولكن الأخفش أغفل عزو معظم هذه الشواهد، وقد أمكن والحمد لله تخريج سائرها، ولم يشذ عن هذا إلا القليل منها، أَمّا ما عزاه الأخفشُ فكان عدده ضئيلًا، ولم يتعد ذلك ثلاثين موضعًا». (٢)

٥ - كان اعتماد المؤلفين في غريب القرآن ومعانيه في نسبة الشواهد الشعرية على روايتهم الخاصة عن العرب والرواة والشعراء، ويُعَدُّ أبوعبيدة مِمَّن كان له سبقٌ في نسبة كثيرٍ من شواهدِ الشعر، اعتمدَ عليه مَنْ جاء بعدَه في تلك النسبة. بل إِنَّه روى عن العرب الأساليب النثرية المشهورة واعتمد العلماء نقله لها، مثل قولهم: «أكلوني البراغيث». فقد سَمِعَه أبوعبيدة من العرب فقال: «العربُ تُجوِّزُ في كلامهم ... أن يقولوا: أكلوني البراغيثُ، قال أبوعبيدة: سَمعتها من أبي عمرو الهذلي في منطقهِ». (٣)

وهذا الشاهد النثري دائر في كتب النحو من غير نسبةٍ لقائلٍ حتى تندَّرَ به بعضهم على النحوييْن وأمثلتهم، قال الطناحيُّ - رحمه الله - تعليقًا على


(١) معاني القرآن للأخفش بتحقيق عبد الأمير الورد ١/ ٥٧.
(٢) المصدر السابق ١/ ٥٧.
(٣) مجاز القرآن ١/ ١٠١، ١٧٤، ٢/ ٣٤.

<<  <   >  >>