للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - وعند أبي عبيدة أيضًا في تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ} [التوبة: ٥٨] (١) قال: «أي: يعيبون». ثم استشهد على صحة هذا التفسير بقول زياد الأعجم:

إذا لَقيتُكَ تُبْدي لي مُكاشَرةً ... وإِنْ أُغَيَّبْ فأَنْتَ العائبُ اللُّمَزَهْ (٢)

ففَسَّر اللَّمْزَ بأَنَّه العيبُ، واستدلَّ بقولِ زياد الأعجم على صحة تفسيره، وقد استشهد أبو عبيدة مرة أخرى بهذا الشاهد مع تغيير طفيف في الرواية لا تَمَسُّ موضعَ الشاهد هنا، عند تفسيره لقوله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)} [الهمزة: ١] (٣)، حيث فَسَّرَ الهُمَزَةَ فقال: «الهُمَزَةُ: الذي يغتابُ الناسَ ويَغُضُّهُم. قال الأعجم:

تُدْلي بُودِّي إذا لا قَيتَنِي كَذِبًا ... وإِنْ أُغَيَّبْ فأَنْتَ الهامِزُ اللُّمَزَهْ». (٤)

فقد اختلف صدر الشاهد تمامًا، وأضاف في عجزه كلمة «الهامز» بدلًا من «العائب» ليستشهد على معنى الهُمَزَة. وأبو عبيدة وغيره يكررون الشواهد الشعرية بروايات متقاربة في مواضع من مصنفاتهم، مما يشير إلى أنهم كانوا يعتمدون على حفظهم في تصنيف هذه المؤلفات، ولا يرجعون فيها إلى دواوين مكتوبة إلا نادرًا. فالأخفش والفراء والطبري أملوا كتبهم على تلاميذهم كما ذكر الذين ترجموا لهم.

٣ - وأَمّا ابن قتيبة فمن أمثلة الشاهد اللغوي عنده أنه عند تفسيره لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] (٥) قال: «أي بالعهود. يقال: عَقَدَ لي عَقْدًا، أي: جعلَ لي عَهْدًا؛ قال الحطيئة:

قَومٌ إذا عَقَدوا عَقْدًا لِجارِهِمُ ... شَدُّوا العِناجَ وشَدُّوا فَوقَهُ الكَرَبا (٦)». (٧)

وقد استشهد المفسرون واللغويون بهذا الشاهد الشعري للحطيئة


(١) التوبة ٥٨.
(٢) انظر: مجاز القرآن ١/ ٢٦٣، والبيت في الأغاني ١٤/ ٩٨.
(٣) الهمزة ١.
(٤) مجاز القرآن ٢/ ٣١١.
(٥) المائدة ١.
(٦) انظر: ديوانه ١٥.
(٧) غريب القرآن ١٣٨.

<<  <   >  >>