للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أنَّ العَقْدَ في اللغةِ هو العَهْدُ والميثاق. فاستشهد به أبو عبيدة، والطبريُّ، وابن عطية، والزمخشري، والقرطبي، والأزهري، وابن منظور وغيرهم. (١) وهو من الشواهد التي تعاقب العلماء على الاستشهاد بها على هذا المعنى، وأمثلتة توارد العلماء على الاستشهاد بشاهد واحد على معنى كثيرة، فهم ينقلون الشاهد عن بعضهم، مما يدل على وحدة مصادر الاستشهاد بالشعر عن الرواة الأوائل كأبي عبيدة والأصمعي وغيرهما كما تقدم تفصيل ذلك في بيان مصادر الشاهد الشعري.

٤ - ومن الأمثلة أيضًا قول ابن قتيبة في بيان معنى {الْمِحَالِ} في قوله تعالى: {وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد: ١٣] (٢): «أَي: الكيدُ والمَكْرُ. وأَصلُ المِحالِ: الحِيْلَةُ، والحَوْلُ: الحِيلةُ. قال ذو الرمة:

وَلَبَّسَ بَيْنَ أَقوامٍ فَكلٌّ ... أَعَدَّ لَهُ الشَّغازِبَ والمِحالا (٣)». (٤)

قال الباهلي شارح ديوان ذي الرمة في شرح هذا البيت: «اللَّبْسُ: الاختلاط ... والمِحالُ: الجِدالُ، قال الله عَزَّوَجَلَّ: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ}، وأصلهُ المُكاظَّةُ والأَخذُ بالنَّفَسِ». (٥) فقد استشهد شارح الشاهد بالآية، واستشهد ابن قتيبة في شرح الآية بالشعر، وهذا دليل على ترابط العلوم اللغوية والتفسير، وحاجة كل منهما للآخر. والأمثلة كثيرة على الشاهد الشعري اللغوي عند ابن قتيبة في كتابه غريب القرآن.


(١) انظر: مجاز القرآن ١/ ١٤٥، غريب القرآن لابن قتيبة ١٣٨، تفسير الطبري (هجر) ٨/ ٧ - ٨، الجامع لأحكام القرآن ٦/ ٣٢، المحرر الوجيز ٥/ ٨، الكشاف ٢/ ١٩٠، تهذيب اللغة ١/ ١٩٧، لسان العرب ٩/ ٣٠٩ (عقد)
(٢) الرعد ١٣.
(٣) في غريب القرآن المطبوع «وليَّسَ» بالياء، وفي بقية المصادر والديوان «ولبَّسَ». ورواية الديوان:
ولَبَّسَ بين أقوامٍ فَكُلٌّ ... أَعَدَّ لَهُ السِّفارَةَ والمِحالا
انظر: ديوانه ٣/ ١٥٤٤.
(٤) غريب القرآن ٢٢٦.
(٥) شرح الباهلي لديوان ذي الرمة ٣/ ١٥٤٤.

<<  <   >  >>