للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصَنَعَ مثلَهُ الأخفشُ في كتابه «معاني القرآن» فأورد الكثير من شواهد النحو الشعرية التي نقلها النحويون عنه بعد ذلك، وكانت هي وشواهد سيبويه عُمدةً لدى النحويين حتى اليوم. ومن أمثلة شواهد النحو في كتب معاني القرآن ما يلي:

١ - في تفسير قوله تعالى: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} [الأنعام: ٩٦] (١) أجاز الفراء في قراءة: (وجَاعِلُ اللَّيلِ سَكَنًا) نصب "اللَّيلِ" في المعنى، فقال: «الليل في موضع نصب في المعنى. فرد الشمس والقمر على معناه لما فرق بينهما بقوله: فإذا لم تفرق بينهما بشيء آثروا الخفض. وقد يجوز أن ينصب وإن لم يُحَلْ بينهما بشيء، أنشد بعضهم:

وبَيْنا نَحنُ نَنْظُرُهُ أَتانا ... مُعَلِّقَ شَكْوةٍ وزِنادَ راعِ (٢)». (٣)

والشاهد في قوله: «زِنادَ رَاعِ»، حيث عطفه على موضع قوله: «شَكْوةٍ»؛ لأن معناه: يُعَلِّقُ شكوةً وزِنادَ راعِ. (٤)

٢ - عند تفسير قوله تعالى: {وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: ١٥٢] (٥) تكلم الفراء عن تعدية الفعل شكر بحرف الجر فقال: «العرب لا تكاد تقول: شكرتك، إنما تقول شكرت لك، ونصحت لك، ولا يقولون نصحتك، وربما قيلتا». ثم استشهد على تعدي الفعل (شَكَرَ) بقول عمرو بن لجأ التميمي:

هُمُ جَمَعوا بُؤْسَى ونُعْمَى عَليكُمُ ... فَهلاَّ شَكَرْتَ القَومَ إِذْ لَمْ تُقاتِلِ (٦)


(١) الأنعام ٩٧.
(٢) الشَّكْوَةُ: وِعَاءٌ من أدَم يُجْعَلُ فيه الماءُ واللَّبَنُ كأنَّه الدَّلْوُ، والبيت لنصيب بن رباح كما في ديوانه ١٤٠، ونُسِبَ لرجلٍ من قيس عيلان كما في الكتاب ١/ ١٧١، وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٩٨، وبلا نسبة في شرح أبيات سيبويه ١/ ٤٠٥، لسان العرب ٧/ ١٨١ (شكو).
(٣) معاني القرآن ١/ ٣٤٦.
(٤) انظر: شرح أبيات سيبويه ١/ ٤٠٥.
(٥) البقرة ١٥٢.
(٦) انظر: البحر المحيط ١/ ٤٤٧، وليس في ديوان عمرو بن لجأ.

<<  <   >  >>