للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشاهد في البيت قوله: «شكرت القوم»، حيث تعدى الفعل شكر بنفسه، والأفصح تعديته باللام. قال أبو حيان: «الفعلُ (شَكَرَ) من الأفعال التي ذُكِرَ أَنَّها تارةً تتعدى بحرف جَرٍّ، وتارةً تتعدَّى بنفسها». (١) ثم استشهد أبو حيان ببيت عمرو بن لجأ الذي استشهد به الفراء، علمًا أن الفراء لم ينسبه لقائله.

واستشهد الفراء على تعدية الفعل (نصح) بقول النابغة الذبياني:

نَصَحْتُ بَنِي عَوفٍ فَلَمْ يَتَقَبَّلوا ... رَسُولي ولَمْ تَنْجَحْ لَديهمْ وَسائِلي (٢)

والشاهد فيه قوله: «نصحتُ بَنِي عوفٍ»، حيث تَعدَّى الفعلُ (نَصَحَ) بنفسه على لغةٍ، والأفصح تَعدِّيهِ باللام. وقد تَحدَّثَ النحويون عن هذه المسألةِ في باب تعديةِ الفِعْلِ بِحرفِ الجَرِّ، وتعديتهِ بِنفسهِ «قالوا: وحَذفُ اللامِ مع (كالَ) و (وَزَنَ) أفصحُ، وإثباتُها مع (شَكَرَ) و (نَصَحَ) أفصحُ، وبذلك جاء التنْزِيلُ العزيز». (٣)

٣ - وأَمّا الأمثلة في كتاب «معاني القرآن» للأخفش فهي غالب شواهده الشعرية، فنادرًا ما تَجِدُ في كتابه شاهدًا لغويًا.

ومن أمثلة هذه الشواهد النحوية في معاني القرآن له قوله عند تفسير قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} [البقرة: ١٥٠] (٤) قال الأخفش: «هذا بِمعنى: لَكِنْ ... نَحو قولِ الشاعر (٥):

وأَرَى لَها دَارًا بِأَغْدِرَةِ السِّيـ ... ـدانِ لَمْ يَدْرُسْ لَها رَسْمُ

إِلاّ رَمادًا هَامِدًا دَفَعَتْ ... عَنْهُ الرِّياحَ خَوالِدٌ سُحْمُ (٦)

أراد: أرى لها دارًا ورمادًا». (٧)


(١) البحر المحيط ١/ ٤٤٧.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) الكتاب لسيبويه ١/ ٢٨، البحر المحيط ٢/ ١١٧.
(٤) البقرة ١٥٠.
(٥) هو المخبل السعدي.
(٦) انظر: المفضليات ١١٤.
(٧) معاني القرآن ١/ ١٦٢.

<<  <   >  >>