للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه وحد الضمير فقال: {لِيَفْتَدُوا بِهِ}. ولم يشرح الزمخشريُّ العِلَّةَ، وإنما أحالَ بيانَها إلى شطرِ شاهدٍ شِعريٍّ نَحويٍّ مشهورٍ، وهو قولُ ضابئ البُرْجُميِّ:

فَمَنْ يَكُ أَمْسى بالمدينةِ رَحْلُهُ ... فإِنِّي وقَيَّارٌ بِها لَغَرِيْبُ (١)

والشاهدُ فيه عند الزمخشري قوله: «لغَريبُ»، وكان المتوقع أن يقول: «لَغريبان»، كما قال أبو زيد: «ولو قال: «لغريبان» لكان أجود». (٢) غير أن الزمخشري اكتفى في إيضاح سببِ توحيد الضمير في قوله تعالى: {لِيَفْتَدُوا بِهِ} مع تعدد ما يعود عليه هذا الضمير بإيراده للشاهد الشعري، وعدم التعليق عليه بشيء، ثقةً في فهم القارئ بأن ذلك من أساليب العرب في كلامها، ودليلًا على أَنَّ الزمخشريَّ صنَّفَ كتابَه «الكشاف» لطلبة العلم المتقدمين.

وقد تقدمت في أثناء البحث أمثلة متعددة أخرى للشواهد اللغوية والنحوية التي استعان بها المفسرون وأصحاب كتب غريب القرآن ومعانيه لإيضاح الدلالات اللغوية

للمفردات والتراكيب في القرآن الكريم، وكان لهذه الشواهد أثر واضح في تقريب المعاني وتوضيحها. ويتفاوت ظهور هذا الأثر للشواهد الشعرية في كتب التفسير، بحسب منهج المفسر الذي سار عليه، غير أن هذا الأثر كان جليًا في كتب التفسير والمعاني والغريب التي شملتها الدراسة، حيث وقع عليها الاختيار في بداية العمل لأسباب من أهمها عنايتها بالشاهد الشعري في مناهجها، وهناك من كتب التفاسير المختصرة من ظهر فيها أثر الشاهد الشعري ظهورًا متوسطًا كتفسير البيضاوي حيث كان مختصرًا من تفسير الزمخشري، وقد استبعد كثيرًا من شواهده، وأبقى منها ٢٦٦ شاهدًا فقط، لم ير الاستغناء عنها


(١) انظر: الكتاب ١/ ٣٨، خزانة الأدب ١٠/ ٣١٢.
(٢) النوادر لأبي زيد ٢٠.

<<  <   >  >>