للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على عرشه». (١)

وقد دلَّ على هذه الصفةِ «نصوص الكتاب، والسنَّةِ، وإجْماعُ سلفِ الأمة، وأئمةِ السنة، بل على ذلك جَميعُ المؤمنين الأولين والآخرين». (٢) وذلك لأن «الآثار عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، وسائر علماء الأمة متواترة عندَ مَن تتبعها، قَد جَمعَ العلماءُ فيها مصنفاتٍ صغارًا، وكبارًا» (٣) فأدلة ثبوت صفتي الاستواء على العرش، والعلو كثيرة، وهي من أبلغ المتواترات اللفظية، والمعنوية. (٤) وهي من الصفات السَّمعيةِ الفعلية المعلومةِ بالخَبَرِ (٥)، وهذا قول أئمة أهل الحديث والسنة. (٦)

غير أَنَّ المخالفين لأهل السنة قد نفوا صفة الاستواء، وتأولوها بالاستيلاء، واستشهدوا على هذا التأويل بقول الشاعر:

قد استَوَى بِشْرٌ على العِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَيفٍ أَو دَمٍ مُهْرَاقِ

وهذا الشاهد شاهد مُفْرَدٌ اختُلِفَ في نسبته، فنُسِبَ للبُعيث المُجاشعيِّ، ونُسب للأخطلِ وكلاهُما مِن شعراء بني أمية. (٧) على أَنَّ بعض كبار اللغويين قد أَنكرَ هذا البيتَ، ومِمَّنْ ردَّهُ الإمامُ الخطَّابيُّ بقوله: «وزعم بعضهم أَنَّ الاستواءَ ها هُنا بِمعنى الاستيلاء، ونَزَعَ فيهِ ببيتٍ مَجهولٍ، لم يقلهُ شاعرٌ معروفٌ يصحُّ الاحتجاجُ بقولهِ». (٨) وقد


(١) قال ابن القيم في «اجتماع الجيوش الإسلامية» ١٠٧: «روى الخلالُ في «كتاب السنة» بإسنادٍ صحيحٍ على شرط البخاري عن قتادة ثُمَّ ذَكرهَ، وقال الذهبي في «العلو» ٥٢: «رواته ثقات»، ولم يُعلِّق عليه الألباني في «مختصر العلو».
(٢) التسعينية لابن تيمية ٢/ ٥٤٥.
(٣) التسعينية ٢/ ٥٦٥، ٥٦٨.
(٤) انظر: مجموع الفتاوى ٥/ ١٥.
(٥) انظر: المصدر السابق ٥/ ٥٢٣، وانظر: ٥/ ٢٢٧.
(٦) انظر: المصدر السابق ٥/ ٣٩٧ - ٣٩٨.
(٧) نسبه للبعيث المجاشعي المرزوقي في الأزمنة والأمكنة ٣٤، ونسبه بعضهم للأخطل كما في شرح القاموس وليس في ديوانه.
(٨) من كتابه «شعار الدين»، بواسطة مختصر الصواعق المرسلة للموصلي ٣/ ٨٩١.

<<  <   >  >>