للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سُئِلَ ابن الأعرابي: هل يصحُّ أن يكون استوى بِمعنى استولى؟ فقال: لا تعرفُ العرب ذلك. (١) وأنكرهُ الخليلُ بنُ أَحْمد، وأبو العباس ثعلب، ونفطويه، وغيرهم. (٢) وقد أشار ابن القيم إلى أَنَّهُ مع التسليم بصحة هذا البيت فصوابُ إنشاده:

..................... ... بِشْرٌ قد استولى على العِراقِ

ولم يذكر الدليل على هذا، غير أَنَّهُ في هذا يَسيرُ على منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في رده لهذا البيت، حيث قال: «ولم يُثْبِت نَقلٌ صحيحٌ أَنَّه شعرٌ عربي، وكان غيرُ واحد من أئمة اللغةِ أَنكروه، وقالوا: إِنَّهُ بيت مصنوعٌ لا يُعرفُ في اللغة، وقد عُلِمَ أنه لو احتج بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاحتاج إلى صحته، فكيف ببيت من الشعر لا يعرف إسناده؟ وقد طعن فيه أئمة اللغة، وذُكِرَ عن الخليل كما ذكره أبو المظفر في كتابه الإفصاح قال: سُئِل الخليلُ: هل وجدت في اللغة استوى بِمَعنى استولى؟ فقال: هذا ما لا تعرفهُ العربُ، ولا هو جائزٌ في لغتها. وهو إمام في اللغة على ما عُرِفَ مِن حالهِ، فحينئذٍ حَملهُ على ما لا يُعرَفُ حَملٌ باطلٌ». (٣)

والمفسرون في كتب التفسير قد اختلفت أقوالهم في تفسير هذه الآياتِ، بِحَسبِ عقائِدِهِم، فأَهلُ السنة يُثبتون هذه الصفةَ وغَيْرَها لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى دونَ تكييفٍ لها ولا تعطيلٍ، ولا تَمثيلٍ ولا تشبيهٍ بِخلقهِ، في حين يفرُّ غيرُهم من إِثباتِ هذه الصفات ظنًا وتوهمًا أَنَّ في إثباتها تنقصًا لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وتشبيهًا له بخلقه.

وقد فَصَّلَ الإمام الطبري القولَ في هذه الصفةِ فقال عند تفسيره


(١) انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي ٦٧٦ - ٦٦٨، ٣/ ٤٤٣، تاريخ بغداد ٥/ ٢٨٣، مجموع الفتاوى ٥/ ١٤٦، ١٦/ ٤٠٤.
(٢) انظر: مختصر الصواعق المرسلة للموصلي ١/ ٩٧ وانظر ما قاله المحقق في الحاشية (٣).
(٣) مجموع الفتاوى ٥/ ١٤٦ - ١٤٧.

<<  <   >  >>