للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ قال بأصابعهِ فَجمَعها: «وإِنَّ لَهُ أَطيطًا (١) كأَطيطِ الرَّحْلِ الجديدِ إذا رُكِبَ، مِن ثِقلهِ». (٢)

والصحيح قول الأزهري: «والصحيح عن ابن عباس في الكرسي ما رواه الثوري وغيره عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: الكرسيُّ: موضع القدمين، وأما العرش فأنه لا يُقدر قدره، وهذه رواية اتفق أهل العلم على صحتها». (٣)

غير أَنَّ هناك مَنْ نَفى هذه الصفةَ، واستشهد على تأويله هذا بقول الشاعر (٤):

ما لِي بِأَمركَ كُرسيٌّ أُكاتِمُهُ ... ولا يُكرسئُ عِلمَ اللهِ مَخلوقُ (٥)

وروي عن ابن عباس قول كهذا، غير أن الأزهري ذكر أن «الذي روى عن ابن عباس في الكرسي أنه العلم، فَليسَ مِمَّا يثبتهُ أَهلُ المعرفةِ بالأخبارِ». (٦) قال الشاطبي: «ومنهم - أي الباطنية - من فَسَّرَ الكُرسيَّ ... بالعِلْمِ، مستدلين ببيتٍ لا يُعرفُ، وهو:


(١) الأطيط: صوت الرحل والنسع الجديد إذا ثقل عليه الراكب. انظر: لسان العرب ١/ ٩٢ (أطط).
(٢) تفسير الطبري (هجر) ٤/ ٥٤٠، وهذا الحديث أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ٧١، وعبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة ١/ ٣٠٢ برقم ٥٨٥، وقال الذهبي عنه: «وهذا الحديث صحيح عند جماعة من المحدثين، أخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في صحيحه، وهو من شرط ابن حبان ... فإذا كان هؤلاء الأئمة: أبو إسحاق السبيعي، والثوري، والأعمش، وإسرائيل، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو أحمد الزبيري، ووكيع، وأحمد بن حنبل، وغيرهم ممن يطول ذكرهم، وعددهم الذين هم سرج الهدى، ومصابيح الدجى، قد تلقوا هذا الحديث بالقبول وحدثوا به، ولم ينكروه، ولم يطعنوا في إسناده، فمن نحن حتى ننكره، ونتحذلق عليهم؟ بل نؤمن به، ونكل علمه إلى الله عَزَّوَجَلَّ». انظر: كتاب العرش للذهبي ٢/ ١٢١ - ١٢٢
(٣) تَهذيبُ اللغةِ ١٠/ ٥٤.
(٤) لم أعرفه.
(٥) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٨/ ٥٥٢ - ٥٥٣، البحر المحيط ٢/ ٢٨٠.
(٦) تَهذيبُ اللغةِ ١٠/ ٥٤، وانظر تعليق أحمد شاكر رقم (١) في تفسير الطبري ٥/ ٤٠١.

<<  <   >  >>