للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.................... ولا يُكرسئُ عِلمَ اللهِ مَخلوقُ

كأَنَّهُ عندهم: ولا يَعلمُ عِلمَهُ، ويُكرسئُ مهموزٌ، والكرسي غير مهموز». (١) وهذه مسألة طال كلام المفسرين فيها. والغرض التمثيل لأثر الشواهد الشعرية في بعض المسائل العقدية، واحتجاج المخالفين بالشعر على ما ذهبوا إليه، وأنها شواهد مجهولة لا تقوم بها حجة في مثل هذه المسائل المُهِمَّةِ، التي لا تثبت إلا بنصوص شرعية ثابتة.

وبالجُملةِ فإِنَّ أثَرَ الشاهدِ الشعري في كتب التفسير في الجانب العَقديِّ أثر كبير لِتعلقه بالعقيدة، وإن كانت أمثلتهُ قليلةً من حيث العدد، وقد كان للجانب العقدي عند الإباضية مثلًا أثرٌ في عنايتهم بالشاهد الشعري كما في أسئلتهم السابقة، وكما في مسائل نافع بن الأزرق، وكما في عناية بعض رؤوس المعتزلة بالشواهد الشعرية، كما تقدمت الإشارة إلى العلاف وحفظه للشواهد الشعرية، والمسائل اللغوية التي لها أثر في الجانب العقدي كثيرة، ومن أكثر المسائل التي مست العقيدة مسألة المَجاز، وحمل معاني الصفات عليه، ولذلك قال ابن عطية عند ذكره لأقوال المفسرين في المقصود بالميزان في قوله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨)} [الأعراف: ٨] (٢): «القول في الميزان هو من عقائد الشرع الذي لم يعرف إلا سمعًا، وإن فتحنا فيه باب المجاز غمرتنا أقوال الملحدة والزنادقة في أن الميزان والصراط والجنة والنار والحشر، ونحو ذلك إنما هي ألفاظ يراد بها غير الظاهر:

بِمِيزانِ قِسْطٍ لا يُخسُّ شَعيرةً ... لَهُ حاكِمٌ مِن نفسهِ غَيْرُ عائِلِ». (٣)


(١) الموافقات ٤/ ٢٢٩، الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة لابن قتيبة ٣٥، شرح الطحاوية للحنفي ٣١١.
(٢) الأعراف ٨.
(٣) المحرر الوجيز ٧/ ١٢.

<<  <   >  >>