للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: ٨٩] (١). وقد أَقرَّهُ الحسنُ على جوابه هذا. (٢)

والثاني: جاء رجل آخر إلى الحسن يسأله: يا أبا سعيد! إِنَّا نكونُ في هذه المغازي، فنصيبُ المرأة لها زوجٌ، أفيحلُ غشيانها ولم يطلقها زوجها؟ فقال الفرزدق: أو ما سمعت ما قلت في ذلك؟ قال الحسنُ: ما كُلُّ ما قلتَ سَمِعوا، فما قلت في ذلك؟ قال: قلتُ:

وذاتِ حَليلٍ أَنكحتْنَا رِماحُنَا ... حَلالًا لِمَنْ يَبْنِي بِها لَم تُطَلَّقِ (٣)

فَصدقه الحسنُ، وحَكمَ بظاهرِ قولِه، ولم يزد على ذلك. (٤)

وقد حفظت أبيات الشعر التي تشتمل على الأحكام الفقهية في كتب العلماء، كالأبيات التي رواها ابن حَجَر لليَزيديِّ في إثباتِ القياسِ مِن رواية أبي عمرو بن العلاء. (٥) وقد أُنشد الرشيدُ في مَجلسهِ أبياتًا من الشِّعر، وهي قول الشاعر:

فإِنْ تَرْفُقي يا هِنْدُ فالرِّفْقُ أَيْمَنُ ... وإِنْ تَخْرَقِي يا هندُ فالخُرْقُ أَشأَمُ

فأَنتِ طَلاقٌ، والطَّلاقُ عَزيِمَةٌ ... ثَلاثًا، ومَنْ يَخْرَقْ أَعَقُّ وأَشْأَمُ

فَبِيْنِي بِها إِنْ كُنتِ غَيْرَ رفِيقةٍ ... وما لامرئٍ بعدَ الثلاثِ مُقَدَّمُ

فاختلفوا في تفسيرها للاختلاف في إنشاد قوله: «عَزِيْمَة ثلاث»، فقد أنشد البيت (عزيمةٌ ثلاثٌ) بالرفع، و (عزيمةٌ ثلاثًا) بالنصب، فلم يعرفوا جوابها. فأرسلَ الرشيدُ إلى القاضي أَبي يوسف يسأله الجوابَ. فقال أبو يوسف: هذه مسألةٌ فقهيةٌ نَحويَّةٌ، فقصد الكسائيَّ يسألهُ، فقال: اكتب. أما من أنشد البيت بالرفع فقال عزيمة ثلاث، فإنما طلقها


(١) المائدة ٨٩.
(٢) انظر: طبقات فحول الشعراء ٢/ ٣٣٥ - ٣٣٦.
(٣) انظر: ديوانه ٥٧٦.
(٤) انظر: العمدة في صناعة الشعر ونقده ١/ ٧١ - ٧٢.
(٥) انظر: فتح الباري ١٣/ ٢٥٢ - ٢٥٣.

<<  <   >  >>