للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقيرِ والمِسكينِ، فذهب بعضهم إلى أنَّ الفقيرَ أَحسنُ حالًا من المسكين، وذهبوا إلى أنَّ الفقيرَ الذي له بعضُ ما يكفيه، ويُقيمُهُ. والمسكينُ الذي لا شيءَ لهُ، واستشهدوا على ذلك بقول الراعي النُّميريِّ:

أَمَّا الفَقِيْرُ الذي كانَتْ حَلُوبَتُهُ ... وَفْقَ العِيالِ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ (١)

ومعنى قولِهِ: وَفْق العِيالِ: على قَدْرِ كفاية عيالهِ من اللبن، ولا فضل فيها. (٢)

ذكر القرطبي عند تفسير قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٣] (٣) أن ما لم يبلغ نصاب الزكاة لا يسمى مالًا، ونسب هذا القول لثعلب. واستشهد على ذلك بقول الشاعر:

واللهِ ما بَلَغَتْ لي قَطُّ مَاشيةٌ ... حَدَّ الزَّكاةِ ولا إِبْلٌ ولا مالُ (٤)

وقد ذكر هذا القول عن ثعلب أبو علي القالي فقال: «قال أبو بكر (٥): المال عند العرب الإبل والغنم. والفضّة: الرّقة والورق. والذّهب: النّضر والنّضير والعقيان. قال وحدثنا أبو العباس أَحْمدُ بنُ يَحيى قال: المالُ عند العربِ أقلُّهُ ما تَجبُ فيه الزكاةُ، وما نَقَصَ مِنْ ذلك فلا يقعُ عليه مال. قال وأنشدنا أبو العباس ... ». (٦) ثُمَّ ذكر الشاهد.

ومن الأمثلة على الشواهد الشعرية ذات العلاقة بالأحكام الفقهية


(١) انظر: ديوانه ٦٤.
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن ٨/ ١٦٩.
(٣) التوبة ١٠٣.
(٤) انظر: أمالي القالي ٢/ ٣٠٢.
(٥) هو أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري وقد تقدمت ترجمته، وهو شيخ أبي علي القالي، وقد روى عنه كثيرًا من شواهد الشعر في تفسير القرآن في أماليه كما في ٢/ ٢٦٢، ٢٦٨.
(٦) أمالي القالي ٢/ ٣٠١ - ٣٠٢.

<<  <   >  >>