للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في التفسير، فقد كان مُرجِّحًا للتفسير الصحيح لهذه اللفظةِ، وقد سلكَ المفسرون منهجًا واحدًا في الترجيح بالشاهد الشعريِّ وإن اختلفت شواهدهم، وهو ترجيحٌ يتعلَّقُ بِمَعنى اللفظة في الآية.

٢ - ومن الأمثلة التي ظهر فيها أثر الشاهد الشعري في اختيار المعنى المناسب للفظة القرآنية ما قاله الطبري في معنى «التَّرائبِ» عند تفسير قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧)} [الطارق: ٧] (١)، حيث ذكر أقوالَ أهل التفسير فيها، وهي ستة أقوالٍ: إِنَّها موضع القلادة من صدر المرأة، أو هي ما بين المنكبين والصدر، أو اليدان والرجلان والعينان، أو ما بين صُلبِ الرجلِ ونَحرهِ، أو الأضلاع التي أسفل الصُّلبِ، أو عُصارَةُ القَلبِ. (٢)

ثُمَّ قال الطبري مَرجحًا للقولِ الأول: «والصوابُ من القَولِ في ذلكَ عِندنا، قولُ مَن قال: هو موضعُ القِلادةِ من المرأةِ، حيثُ تَقَعُ عليهِ مِن صَدرِها؛ لأَنَّ ذلك هوَ المعروفُ في كلامِ العَرَبِ، وبهِ جاءتْ أَشعارُهُم، قال المُثَقِّبُ العبديُّ:

ومِنْ ذَهَبٍ يُسَنُّ على تَريبٍ ... كَلَونِ العاجِ ليسَ بِذِي غُضُونِ (٣)

وقال آخر (٤):

والزَّعْفرانُ على تَرائِبِها ... شَرِقا بِهِ اللَّبَّاتِ والنَّحْرُ (٥)». (٦)

فرَجَّحَ ما دلت عليه شواهدُ الشعرِ، وما عُرِفَ مِن كلامِ العَرَبِ من


(١) الطارق ٧.
(٢) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٢٤/ ٢٩٢ - ٢٩٦.
(٣) رواية الديوان: «ومن ذهب يلوح»، يُسَنُّ: أي يُصَبُّ، والغُضون: الأَخاديدُ والتجاعيدُ. انظر: ديوانه ١٥٩
(٤) هو الحارث المخزومي.
(٥) اللَّبات هي الترائب، انظر: ديوانه ٨٧، تفسير القرطبي (هجر) ٢٢/ ٥٤٦، معاني القرآن للفراء ٣/ ١٤٦.
(٦) تفسير الطبري (هجر) ٢٤/ ٢٩٦.

<<  <   >  >>