للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل أَن يزدحمَ الطلابُ على ثعلب بِمدةٍ طويلة (١)، والغريب أنك لا تجد لثعلب ذكرًا في تفسير الطبري، والطبري يوافق الفراء كثيرًا، ويُخالِفه أحيانًا (٢).

وأما بقية المفسرين الذين شملتهم الدراسة فقد تأخروا عن الطبري، وتأخروا عن عصور الاحتجاج، فكان اعتمادهم على كتب الفراء وأبي عبيدة والطبري ظاهرًا، ولم تجد أثرًا للسماع ولا للرواية المباشرة عن العرب في تفاسيرهم، وقد تقدم بيان هذا في مصادر الشاهد الشعري في كتب التفسير، كما اعتمدوا على كتب النحويين كسيبويه وغيره.

والمفسرون ينصون على اسم القبيلة التي تتكلم باللهجة أحيانًا فيقولون: «هي لغةُ هُذيل»، أو «لغةُ تَميم»، ويُغفِلونَها أحيانًا، فيكتفون بقولهم: «وهي لغةٌ لبعضِ العرب» أو «وهي لُغةٌ»، وقد اعتمد المفسرون على عَمَلِ اللغويين في نقل اللهجات العربية التي تتعلَّقُ بالقراءات القرآنية، ونقلوا شواهد الشعر التي تُمثِّلُ الحججَ والأدلة على صحتها.

وأمثلة تدوين اللهجات عند أبي عبيدة والفراء والأخفش متعددة، ولا سيما ما كانت شواهد الشعر هي الحُججُ الباقيةُ للاستشهاد عليه، وقد دونوا الكثيرَ من تلك اللهجات عند مناسبتها في تفسيرهم للقرآن الكريم، وأمثلة ذلك لدى أبي عبيدة والفراء متعددة. وإن كان أكثر لغات العرب قد ضاع، وذهب بذهاب أهله، كما قال أبوعمرو بن العلاء: «ما انتهى إليكمْ مِمَّا قالت العَرَبُ إِلَّا أَقلُّهُ، ولو جاءكم وافِرًا لَجاءَكمْ عِلمٌ وشِعْرٌ كثير». (٣)

ومن أمثلة إغفالهم لنسبة هذه اللغة لقبيلة بعينها قول أبي عبيدة في


(١) انظر: معجم الأدباء ١٨/ ٦٠.
(٢) انظر: تفسير الطبري (شاكر) ٤/ ٣١٢، ١٢/ ٣٠١.
(٣) الخصائص ١/ ٣٨٦، المزهر ١/ ١٤٨.

<<  <   >  >>