للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد ذكر اللغاتِ، دون أن ينصَّ على أَيِّ قبائل العرب تنطق بِهذه، وأيها تنطق باللغة الأخرى.

وأما أمثلة نسبتهم اللغة لقبيلة من العرب باسمها، فكثيرة منها قول ابن قتيبة عند تفسيره لقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} [الرعد: ٣١] (١): «أَي: أَفَلَمْ يعلم، ويقال: هي لُغَةٌ للنَّخَعِ، وقال الشاعر (٢):

أَقُولُ لَهُمْ بالشِّعبِ إِذْ يَأْسِرُونَنِي ... أَلَمْ تَيأَسُوا أَنِّي ابنُ فَارسِ زَهْدَمِ (٣)

أي: ألم تعلموا». (٤) بل رُبَّما ينصُّ المفسرونَ على تسميةِ لغةِ شخصٍ بعينهِ، كقول القرطبي: «إذا قلتَ لصاحبكَ يومَ الجمعةِ: أَنصت، فقد لغوتَ، ويُروى: لغيتَ، وهي لغةُ أَبي هُريرةَ، كما قال الشاعر (٥):

ورُبَّ أَسرابِ حَجيجٍ كُظَّمِ ... عَن اللَّغا وَرَفَثِ التَّكُلُّمِ (٦)». (٧)

فنسبها لأبي هُريرةَ دون سائرِ قبيلتهِ.

وأما أثر الشاهد الشعري في نسبة اللغات للقبائل في كتب التفسير فقد كان ظاهرًا، وأمثلة نسبة اللهجات التي عثرت عليها في تفسير الطبري وما بعده تذكرُ شواهدَ شعريةً تؤيدُ هذه النسبة، وهم كما تقدَّم ينقلون كثيرًا عن علماء اللغة الذين كتبوا في معاني القرآن كالفراء وأبي عبيدة والأخفش، وينقلون عن أهل العربية كأبي عمرو بن العلاء والخليل وسيبويه. والشاهد الشعري يأتي لتأكيد نسبة هذه اللغة للقبيلة، ويأتي ليبين كيفية النطق لبعض الألفاظ، ويأتي ليبين كيفية التركيب النحوي. هذه أهم الآثار التي يؤديها الشاهد الشعري عند الاستشهاد به على نسبة


(١) الرعد ٣١.
(٢) هو سحيم بن وثيل اليربوعي.
(٣) انظر: مجاز القرآن ١/ ٣٣٢، تأويل مشكل القرآن ١٤٨، تفسير الطبري ١٣/ ١٠٣.
(٤) غريب القرآن ٢٢٧ - ٢٢٨.
(٥) هو العجاج بن رؤبه وقيل لرؤبة.
(٦) انظر: ديوانه ٢٨٣.
(٧) الجامع لأحكام القرآن ١١/ ١٢٦.

<<  <   >  >>