للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغات للقبائل العربية في كتب التفسير، بحسب الأمثلة التي جَمعتُها منها.

ومن أمثلة استشهاد المفسرين بشواهد الشعر لنسبة اللغات ما يأتي:

١ - ذكر الفراء عند تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: ٦٣] (١) وهو يذكرُ توجيهَ أَهلِ العربيةِ لقراءة تشديد «إِنَّ» ورَفع «ساحران» أَنَّ ذلكَ على وجهين، أحدهما: على لغةِ بني الحارث بن كعب ومَن جاورَهُم، يَجعلونَ الاثنين في رفعِهما ونصبِهما وخفضهما بالألف. وقال: «أنشدني رَجلٌ من الأَسْدِ (٢) عن بعض بني الحارث بن كعب:

فأَطْرَقَ إِطراقَ الشُّجاعِ ولَو يَرَى ... مَساغًا لِنَابَاهُ الشُّجاعُ لَصَمَّما (٣)». (٤)

وهذه الآية من المواضع التي كثر في توجيهها قول النحويين، قال الزجاج: «وهذا الحرف من كتاب الله عزَّ وجلَّ مُشكِلٌ على أهل اللغةِ، وقد كثر اختلافهم في تفسيره». (٥) ثم ذكر أقوال النحويين، وخَرَجَ برأيٍ ذَكرَ أَنَّهُ عَرضَه على المُبَرِّدِ والقاضي إسماعيل بن إسحاق (٦) فارتضياه، وهو أنَ «أَنَّ» قد وقعت موقعَ «نعم»، وأَنَّ اللامَ وقعت موقعها، وأَنَّ المعنى: هذانِ لَهُما سَاحِرَانِ. (٧) وقد رد أبو علي الفارسي هذا الوجه (٨).

وأما الطبري فقد اختار القول الذي ذكره الفراء فقال: «والصواب


(١) طه ٦٣.
(٢) الأسد: لغة في الأزد، وهي بالسين أفصح، وبالزاي أكثر. انظر: الاشتقاق ٤٨٢.
(٣) الشجاعُ: الحيَّةُ الذَّكَرُ، وصمَّمَ: عَضَّ ونَيَّبَ فلم يُفلت فريستهُ. والبيت للمُتَلَمِّسِ الضبعيِّ، انظر: ديوانه ٣٤.
(٤) معاني القرآن ٢/ ١٨٤، انظر: تأويل مشكل القرآن ٥٠، تفسير الطبري (هجر) ١٦/ ٩٨.
(٥) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٦١.
(٦) هو إسماعيل بن إسحاق الجهضمي الأزدي، الفقيه المالكي، أسرته هي التي نشرت مذهب مالك في العراق، ولد في البصرة، وكان من نظراء المبرد. ولي قضاء القضاة، وتوفي فجأة سنة ٢٨٢ هـ. له كتاب في أحكام القرآن يعد من أوائل ما صنف. انظر: تاريخ بغداد ٦/ ٢٨٤، الديباج المذهب ٩٢.
(٧) انظر: معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٦٣.
(٨) انظر: الإغفال ٢/ ٤٠٨.

<<  <   >  >>