للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِسْحَاتًا، وأهل الحجازِ يقولون: سَحَتَ يَسْحَتُ سَحْتًا. قال الأزهري: «والسُّحْتُ: العّذابُ، قال: وسَحَتْناهم بلغنَا مَجهودَهم في المَشّقَّة عليهم، وأسْحَتْناهم لُغةٌ. وقال الفرّاء: قُرئ قَوْل الله جل وعزَّ: وقرئ: {فَيَسْحَتَكُم} بفتح الياءِ والحاء، قال: ويَسْحَتُ أكثر وهو الاستئصالُ. وأنشد قول الفرزدق:

وعَضُّ زَمَان يا ابنَ مروانَ لم يَدَعْ ... من المال إلا مُسْحَتًا أو مُجَلَّفُ

قال: والعرب تقول: سَحَت وأسْحَت. ويُروى: إلا مُسْحَتٌ أو مُجَلَّفُ. ومن رواه كذلك جعل معنى لم يَدَعْ: لم يَتَقارّ، ومن رواه: إلا مُسْحَتًا، جعل لم يَدَعْ بِمعنى لم يترك، ورفع قوله: أو مُجَلَّفُ بإضمارٍ كأنه قال: أوهو مُجَلَّفٌ كذلك. وهذا قول الكسائي». (١)

٥ - وقال القرطبيُّ: «قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: ٢٦] (٢) لُغَةُ بَني تَميمٍ وبني عامرٍ في «أَمَّا» «أَيْما»، يُبدلونَ من إحدى الميمين ياءً؛ كراهيةَ التضعيفِ، وعلى هذا يُنشَدُ بيتُ عمر بن أبي ربيعة:

رَأَتْ رَجلًا أَيْما إذا الشَّمسُ عارَضَتْ ... فيَضْحَى وأَيْمَا بالعشيِّ فيَخْصَرُ (٣)». (٤)

وعمرُ بن أبي ربيعة حجازي من قريش، غير أنه قد روي البيت أيضًا على لغة تَميمٍ كما ذكر القرطبيُّ، وهو كذلك في إحدى روايات الديوان كما أَشار مُحقِّقهُ، وقد استدلَّ النحويونَ به على هذه الرواية على الإبدال. واستشهد به المُبَرِّدُ في ثلاثة مواضع، رواه في الموضع الأول بالإبدال على لغة تَميم (٥)، وفي الموضعين الباقيين على لغة قريش بغَيْرِ إبدال (٦)، وقال بعد أَن أنشدَ قَول جَميلِ بن مَعْمَر:


(١) تهذيب اللغة ٤/ ٢٨٤ - ٢٨٥.
(٢) البقرة ٢٦.
(٣) يَخْصَرُ مضارع خَصِرَ - من بابِ فَرِحَ - إذا أَصابَهُ البَرْدُ وآلَمَهُ. انظر: ديوانه ٩٤.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١/ ٢٤٤.
(٥) انظر: الكامل ١/ ٩٨.
(٦) انظر: الكامل ١/ ٣٨٤، ٣/ ١١٥٣.

<<  <   >  >>