للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعضهم يقول: لا يقرفُ الشرَّ، والرفعُ لغةُ أهل الحجاز، وبذلك جاء القرآن». (١) فقد نقل الطبري قول الفراء وشاهده دون أن يذكره باسمه، وكان إنشاد الشاهد الشعري هو الحجة لهذه اللغة العُقَيليَّةِ، وذكر الفراء أن البيت الشعري ينشد برفع الفعل بعد (لا) وأَنَّ هذه لغة أهل الحجاز، وهذا دليل على اعتبار لغة المنشد للبيت كما مَرَّ.

والطبري يعتمد كثيرًا على الفراء في نسبته اللهجات للقبائل العربية، وينقل شواهد الفراء غالبًا، وقد يذكر الفراء كما في قوله عند تفسير قوله تعالى: (٢) ورُبَّما أَبدلوا الزاي التي في اللازبِ تاءً، فيقولون: طِيْنٌ لاتِبٌ، وذُكِرَ أَنَّ ذلك في قَيسٍ، زَعمَ الفراءُ أَنَّ أبا الجرَّاحِ أَنشدَهُ (٣):

صُداعٌ وتَوصِيمُ العِظامِ وفَتْرَةٌ ... وغَثْىٌ معَ الإِشراقِ في الجوفِ لاتبُ (٤)

بِمَعنى: لازم». (٥) وقد لا يذكره كما تقدم في المثال الأول.

٤ - وقال الزمخشري عند تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} [طه: ٦١] (٦): «قُرِئ {فَيُسْحِتَكُمْ} والسَّحْتُ لغةُ أهلِ الحِجازِ، والإِسحاتُ لُغَةُ أَهلِ نَجدٍ وبَني تَميم. ومنه قول الفرزدق:

....................... ... إِلَّا مُسْحِتًا أو مُجلَّفُ (٧)

في بيتٍ لا تزالُ الرُّكَبُ تَصْطَكُّ في تسويةِ إعرابهِ». (٨) والشاهد استشهاد الزمخشري بالشعر على لغة تميم، وأنها تقولُ: أَسحتَ يُسْحِتُ


(١) معاني القرآن ٢/ ٣٨٣.
(٢) الصافات ١١.
(٣) انظر: معاني القرآن ٢/ ٣٨٤، الجامع لأحكام القرآن ١٥/ ٦٩.
(٤) انظر: تاج العروس ٨/ ١٦٧ (لتب).
(٥) تفسير الطبري (هجر) ١٦/ ٥١١.
(٦) طه ٦١.
(٧) تقدم تخريجه، وتَمامهُ:
وعَضُّ زَمانٍ يا ابنَ مَروانَ لَم يَدَعْ ... من المالِ إِلَّا مُسْحَتًا أَو مُجَلَّفُ
(٨) الكشاف ٣/ ٧٢، وانظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣/ ٣٦١.

<<  <   >  >>