للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

........................... ... وإِذا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّلِ (١)

والجيدُ أَلاَّ يُجازى بِها، كما قال الشاعر (٢):

والنَّفْسُ راغِبَةٌ إذا رَغَّبْتَها ... وإذا تُرَدُّ إلى قَليلٍ تَقْنَعُ (٣)». (٤)

وهذا أَثَرٌ واضحٌ للشاهد الشعري في الاستشهاد على التركيب الأجود في «إذا» وهو أَلاَّ يُجزم جوابُها إذا كانت للشرطِ كما في بيت أبي ذؤيب. وإن كان الجزم بها إذا تضمنت معنى الشرط واردًا عن العرب كما في بيت عبد قيس البُرجُميِّ. (٥)

والقرطبي وهو يحكم على بعض التراكيب بمثل هذه الأحكام ينقل عن النحويين الكبار مثل سيبويه وغيره، وينقل شواهدهم الشعرية التي يستشهدون بها في اختيار الأجود من التراكيب النحوية، كما في قوله عند تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} [النساء: ٨٣] (٦) حيث قال: «في «إذا» معنى الشرط، ولا يُجازى بِها وإِنْ زيدت عليها «ما»، وهي قليلة الاستعمال. قال سيبويه (٧): «والجيِّدُ ما قال كعب بن زهير:

وإذا ما تَشاءُ تَبْعَثُ مِنها ... مَغْرِبَ الشَّمْسِ ناشِطًا مَذْعُورا (٨)

يعني أَنَّ الجيدَ لا يُجزمُ بـ «إذا ما»، كما لم يُجزمْ في هذا البيت». (٩) وقد ذكر سيبويه عِلَّةَ ذلك نقلًا عن الخليل فقال: «وسألته - أي الخليل - عن «إذا»، ما منعهم أن يُجازوا بِها؟ فقال: الفعل في


(١) عجز بيت، صدره:
وَاِستَغنِ ما أَغناكَ رَبُّكَ بِالغِنى ... ...................................
والخَصاصَةُ: الحاجة والفقر، والتجمُّلُ: التجلُّد والصبر. ... انظر: المفضليات ٣٨٥.
(٢) هو أبو ذؤيب الهذلي.
(٣) انظر: ديوان الهذليين ١/ ٣.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٥/ ٣٣٨.
(٥) انظر: مغني اللبيب ٢/ ٤٨ - ١١٠.
(٦) النساء ٨٣.
(٧) انظر: الكتاب ٣/ ٦٢.
(٨) الناشط: الثور، والمذعور: الفَزِعُ. انظر: ديوانه ١٢٧.
(٩) الجامع لأحكام القرآن ٥/ ٢٩١.

<<  <   >  >>