للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«إذا» بِمَنْزِلتهِ في «إذ»، إذا قلتَ: أَتذكرُ إِذْ تقولُ، فإذا فيما تَستقبلْ بِمنْزِلة إِذ فيما مَضى. ويُبَيِّنُ هذا أَنَّ «إذا» تَجيءُ وقتًا معلومًا». (١) وقد استعان بالشاهد الشعري لتصويب اختياره، وإن كان سيبويه قد استشهد بشواهد من الشعر في المجازاة بها، غَير أَنَّهُ حَمَلَ ذلك على الاضطرار. (٢)

ومن الأمثلة عند الزمخشري قوله عند تفسير قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: ٢٨] (٣): «وقُرئَ: "بالغُدُوةِ" (٤)، وبالغداةِ أَجودُ؛ لأنَّ «غُدْوَةً» عَلَمٌ في أكثر الاستعمال، وإدخالُ اللام على تأويل التنكيْرِ كما قال (٥):

....................... ... والزَّيدُ زيد المعارك (٦)

ونَحوهُ قَليلٌ في كلامِهِم». (٧) وكلام الزمخشري يتعلق بالعَلَمِ الذي يُمكنُ تأويلهُ بواحدٍ مِنْ جِنسهِ، فيُنَكَّرُ لذلك، وتُدخِلُ عليه العربُ «أل»، كقولهم: مُضرُ الحَمراءُ، ورَبيعةُ الفَرَسِ، والقول بقلة هذا في كلام العرب قَولٌ انفرد به الزمخشريّ فيما عثرتُ عليه. (٨)

وقال الزمخشري أيضًا عند تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} [المائدة: ١١٢] (٩): «{عِيسَى} في مَحلِّ النصبِ على إتباعِ حركةِ الابنِ، كقولك: يا زيدَ بنَ عَمرو، وهي اللغةُ الفاشيةُ، ويَجوزُ أن يكون مضمومًا كقولك: يا


(١) الكتاب ٣/ ٦٠.
(٢) انظر: الكتاب ٣/ ٦٠ - ٦٢.
(٣) الكهف ٢٨.
(٤) قرأَ الجمهور {بالغَداةِ}، وقرأ ابن عامر وأبو عبد الرحمن السُّلَميُّ وغيرهما {بالغُدْوَةِ}. انظر: السبعة ٢٥٨، ٣٩٠، التيسير ١٤٣، النشر ٢/ ٣١٠.
(٥) هو الأخطل التغلبي.
(٦) والبيت بتمامه:
وقدْ كانَ مِنهُمْ حَاجِبٌ وابنُ عَمِّهِ ... أَبُو جَندلٍ والزَّيدُ زَيْدُ المعاركِ
انظر: ديوانه ٢٤٢.
(٧) الكشاف ٣/ ٥٨٠ - ٥٨١.
(٨) انظر: المفصل للزمخشري ٢٤ - ٢٥، والمقتضب ٤/ ٤٨.
(٩) المائدة ١١٢.

<<  <   >  >>