للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَسئُوا الشُّهورَ بِها وكانوا أَهلَها ... مِنْ قَبْلِكُمْ والعِزُّ لَمْ يَتَحوّلِ (١)

ومنه قول جِذْلِ الطَّعَّانِ (٢):

وَقَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ أَنَّ قَومِي ... كِرامُ النَّاسِ إِنَّ لَهُمْ كِراما

فأَيُّ النَّاسِ فاتُونا بِوترٍ؟ ... وأَيُّ النَّاسِ لَمْ تَعْلك لِجاما؟

أَلسنا النَّاسئينَ على مَعَدٍّ ... شُهورَ الحِلِّ نَجْعلُها حَراما؟ (٣)». (٤)

وأبو بكر بن الأنباري (ت ٣٢٨ هـ) ذكرَ في صفة النسيء أَنَّهم كانوا إذا صدروا عن مِنى قامَ رجلٌ مِنْ بني كنانةَ يقالُ لهُ: نُعيم بن ثَعلبة، فقال: أَنا الذي لا أُعابُ، ولا يُرَدُّ لي قضاءٌ، فيقولونَ له: أَنسئِنا شَهرًا، أَي أَخِّر عنَّا حُرمةَ المُحرَّم فاجعلها في صَفَر؛ وذلك أَنَّهم كانوا يكرهونَ أَنْ تتوالى عليهم ثلاثةُ أَشهر لا تمكنهم الإغارة فيها؛ لأَنَّ معاشَهم كان من الإغارةِ، فيحلُّ لَهم المُحرَّم، ويُحرِّمُ عليهم صفرًا، فإذا كان في السنةِ المقبلةِ حَرَّمَ عليهم المُحرَّمَ، وأَحلَّ لهم صَفَرًا، فقال: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: ٣٧] (٥)، ثم ذكر شواهد الشعر التي أوردها ابن عطية، وأَحِسبُ أَنَّ ابنَ عطيةَ قد نَقلها عَن أمالي القالي، والقالي رواها عن شيخه أبي بكر بن الأنباري الذي اشتهر بحفظه الواسع لشواهد الشعر في تفسير القرآن، ومن مظان شواهد التفسير التي رواها ابن الأنباري غير كتبه المطبوعة، كتاب «أمالي القالي» لكونه يروي عنه كثيرًا منها. (٦)


(١) انظر: أمالي القالي ١/ ٤.
(٢) هو عُمَيْر وقيل عمرو بن قيس بن جذل الطِّعان. انظر: نهاية الأرب ١/ ١٦٠.
(٣) انظر: أمالي القالي ١/ ٤، نهاية الأرب ١/ ١٦٠.
(٤) المحرر الوجيز (قطر) ٦/ ٤٨٩ - ٤٩٠.
(٥) انظر عن النسيء ومذهب العرب فيه: الروض الأنف للسهيلي ١/ ٢٤٢، نهاية الأرب ١/ ١٥٩، تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي ٨/ ٤٨٨.
(٦) انظر: أمالي القالي ١/ ٤، ٩، ٢٧، ٢/ ٢٦٨، ٢٧٤، ٢٨١، ٣٠٢، ٣٠٣، ٣٠٦ وغيرها.

<<  <   >  >>