للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استقصاها السيوطي (١)، وقد تتبعت كلام المفسرين عن تَحديدِ هذه المواضعِ، ثُمَّ استخرجت منهُ ما استشهدَ المُفَسِّرُ فيه بشواهد الشعر، فتحصل لي من ذلك عدد قليل لا يتجاوز ستة مواضع. فلم يكن أثر الشاهد الشعري في الاستدلال على المواضع والبقاع المذكورة في القرآن عند المفسرين الذين درستهم ظاهرًا، وإِنَّما كان على قلة. ومن الأمثلة على ذلك:

١ - عند تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: ٢٥] (٢) ذكر الطبري أنَّ حُنين وادٍ يقع بين مكةَ والطائفِ، ثُمَّ استشهد على ذلكَ بقولِ حسان رضي الله عنه وهو يذكر حنين ومعركتها:

نَصَروا نَبِيَّهمُ وشَدُّوا أَزْرَهُ ... بِحُنَيْنَ يومَ تَواكلِ الأَبطالِ (٣)

وقد تركَ الشاعرُ صَرفَ «حُنَيْنَ» لأَنَّه أَرادَ بِها اسمَ الوادي. (٤) وقال ابن عطية في التعريف بِحُنين: «وحنين وادٍ بين مكة والطائف، قريبٌ مِن ذِي المَجَازِ، وصُرِفَ حينَ أُريد به الموضعُ والمكانُ، ولو أُريدَ بهِ البُقعةُ لم يُصرَفْ، كما قال الشاعر .. ». (٥) ثم ذكر بيت حسان بن ثابت.

وحُنَينُ اليومَ هو وادي (يدعان) في أعلى الشرائع، ويقع على طريق مكة من نخلة اليمانية، ويسيل من جبال طاد والتنضب، ثم ينحدر غربًا، يسمى رأسه الصدر، وأسفله الشرائع. وتبعد حنين عن مكة ستة وعشرين كيلًا شرقًا، وعن حدود الحرم أحد عشر كيلًا، عن علمي طريق نَجد، وسُكَّانُهُ اليومَ مِن قبيلةِ هُذيل، ومن الأشراف. (٦)


(١) انظر: الإتقان في علوم القرآن ٢/ ١٠٧٩ - ١٠٨٢.
(٢) التوبة ٢٥.
(٣) انظر: ديوانه ٣٩٣.
(٤) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١١/ ٣٨٦، معاني القرآن للفراء ١/ ٤٢٩.
(٥) المحرر الوجيز ٨/ ١٥٤.
(٦) انظر: صحيح الأخبار للبلادي ٢/ ١٤٢ - ١٤٣، معجم الأمكنة الوارد ذكرها =

<<  <   >  >>