للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله، أحيانا الله عَزَّ وجلَّ ببيتين مِن شعرِ امرئ القيس وأنشدوه الشعر، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ذاك رجلٌّ مذكورٌ في الدنيا، شريفٌ فيها، مَنسيٌّ في الآخرة خاملٌ فيها، يَجيءُ يومَ القيامةِ معهُ لواءُ الشِّعرِ إلى النار». (١)

وهذا مثال واحد على انتفاع العرب بالشعر في الاستدلال على المناهل والمواضع والطرق، وفي كتب البلدان والأدب كثير من الأمثلة المشابهة لهذه القصة.

٣ - عند تفسير قوله تعالى: {وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: ٤٤] (٢) ذكر أبو عبيدة أَنَّ الجُوديَّ اسمُ جبلٍ، واستشهد على ذلك بشاهد من الشِّعرِ فقال: «الجُودِيُّ: اسمُ جَبَلٍ، قال زيدُ بن عمرو بن نُفَيلٍ العَدويُّ:

وقَبْلَنا سَبَّحَ الجُودِيُّ والجَمَدُ». (٣)

في حين استشهد القرطبي بهذا الشاهد على أن الجودي اسم لكل جبلٍ فقال: «وقد قيل: إن الجودي اسم لكل جبل، ومنه قول زيد بن عمرو بن نفيل:

سُبحانَهُ ثُمَّ سُبحانًا يَعُودُ لَهُ ... وقبلَنا سَبَّحَ الجُودِيُّ والجُمُدُ». (٤)

وأما الطبري فذكر أن الجودي جبل بناحية الموصل أو الجزيرة (٥)، دون استشهاد بشواهد شعرية. وبالجملة فإن الشعر بصفة عامة مما استعان به الجغرافيون في كتبهم للاستدلال على المواضع، غير أن المفسرين لم يعنوا بهذا في كتب التفسير كثيرًا، وإنما في مواضع قليلة.


(١) عيون الأخبار ١/ ١٤٣، الأغاني ٧/ ١٢٣، وهي قصة مشهورة عند الأدباء والإخباريين كمت قال ياقوت الحموي في معجم البلدان ٥/ ٤٢١، قال أحمد شاكر: وهي مشهورة عند الإخباريين والأدباء، ولكنها غير معروفة عند المحدثين، وهم الحجة فيما ينسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انظر: الشعر والشعراء ١/ ١٢٦ حاشية ٤.
(٢) هود ٤٤.
(٣) مجاز القرآن ١/ ٢٩٠.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٩/ ٤٢.
(٥) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١٢/ ٤١٩.

<<  <   >  >>