ثم قال تعالى:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} قوله: {إِنَّمَا يُوَفَّى} أي: يُعطَى، و {إِنَّمَا} أداة حصر، والمعنى: ما يُوَفَّى الصَّابرون أجْرَهُم إلا بغير حساب؛ أي: أجرًا كثيرًا أكثرَ من الأَعْمال.
ولماذا قال:{الصَّابِرُونَ} ولم يقل: الصَّابرين؛ والمعروف أنَّ المفعول به يكون منصوبًا فيقال: الصابرين؟
الجواب: لأنَّها نائِبُ فاعل، ونائب الفاعل مفعولٌ به في المعنى، فاعلٌ في اللَّفْظ، يعني أنه يُعْرَبُ إعرابَ الفاعل، ولكنه في المعنى مفعولٌ به؛ قال ابن مالك:
وقوله:{الصَّابِرُونَ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [عَلَى الطَّاعَة وَمَا يُبْتَلَوْنَ بِهِ]، فذكر نوعين من أنواع الصَّبر وأضاف عليه واحدًا، وهو: الصَّبْر عن معصية الله، إلَّا أنْ يُقال: إنَّ الطاعة بالمعنى الأَعَمِّ تَشْمَل امتثال الأمر واجتنابَ النهي، فيكون قد وفَّى المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ أنواعَ الصَّبْر.
أنواع الصَّبْر ثلاثة:
١ - صبرٌ على طاعة الله.
٢ - وصبرٌ عن مَعْصِيَة الله.
٣ - وصَبْرٌ على أقدارِ الله المُؤْلِمَة.
فأعلاها: الصَّبْرُ على طاعة الله، ثم الصَّبْرُ عن معصية الله، ثم الصَّبْر على أقدار الله، هذا من حيث نوعُ الصَّبْر نفسه، أما من حيث الصَّابر، فإنَّ الإنسان أحيانًا