الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: بيان مِنَّةِ الله عَزَّ وَجَلَّ على هؤلاء الذين وُفِّقُوا لاستماع القَوْل واتِّباعِ أَحْسَنِه؛ يعني: إظهار مِنَّة الله عليهم في قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ}.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: أنه يجب عقلًا أن تَحْمَدَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إذا هداك إلى مِثْل هذا؛ لأنَّك إذا عَلِمْتَ أنَّ الهداية من الله فالعَقْل يقتضي أن تَحْمَدَه وتشكره، وهذه النِّعْمَة أبْلَغُ من الإنعام بالأَكْل والشرب؛ لأنَّ الأكْل والشُّرْب، كلٌّ يأكل ويشرب حتى البَهائِم، لكِنَّ الهدايَةَ ليس كُلُّ أحدٍ يَهتَدي، فإنعامُ الله على الإنسان بالهداية العِلْمِيَّة والعملية أعْظَمُ من إنعامِهِ عليه بالأَكْل والشُّرْب.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: أن المُتمسِّكين بدِين الله تعالى المُتَّبِعين لأحسَنِ القول هُمْ أصحاب العُقول، فمِنَ المُتعارَف عند الناس الآنَ أنهم إذا رأَوْا إنسانًا ذكيًّا مُتأنِّيًا في الأمور يَقولون: هذا عاقِل ما شاء الله. ولو كان من أَفجَرِ الناس، والحقيقة أننا نَقول: العاقِل مَن وفَّقه الله تعالى للعِلْم والعمَل ولو كان من أبلَدِ الناس، لو كان من أبلَدِ الناس باعتِبار الذَّكاء.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: أنه لا تَلازُمَ بين الذَّكاء والعَقْل، فالذَّكاء شيء والعَقْل شيءٌ آخَرُ، حتى في عَقْل الإِدْراك لا تَلازُمَ بين الذَّكاء وعَقْل الإدراك؛ لأن من الناس مَن تَجِده ذكيًّا شديد المُلاحَظة يَفهَم الشيء بسرعة ويُعطِي الجَواب بسرعة، لكنه في التَّصرُّف أحمَقُّ ليس عنده عَقْل، ومن الناس مَن يَكون بالعَكْس؛ عنده شيء من البَلادة ولكنه في التَّصرُّف عاقِل مُتَأنٍّ، ولكنَّ أعقَلَ الناس أَطوعُهم لله تعالى، فلا شَكَّ أن أَعقَلَ الناس أطوعُهم له تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ ولهذا قال تعالى:{وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: الإشارة إلى انقِسام الناس إلى قِسْمين: مُوفَّق ومُخفِق؛ لأن قوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} يَدُلُّ على أن