وما همَّنا به، لكن الذي يُهِمُّنا أنه إذا فسَّر كلام الله تعالى وشهِد على الله تعالى أنه أَراد كذا وكذا؛ ولذلك نَجِد أن من أَخطَر ما يَكون أن يُؤَوَّل كلام الله تعالى عن ظاهِره إلى مَعنًى يُخالِف الظاهِر بلا دليلٍ بيِّنٍ.
وبه نَعرِف ضلال أهل التَّعطيل الذين قالوا:{اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[الأعراف: ٥٤] يَعنِي: استَوْلى عليه - كأنك تَشهَد على الله تعالى أنه أَراد هذا -؛ وقوله تعالى:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} أي: بقُوَّتي، أو بنِعْمتي، أو ما أَشبَه ذلك!! فهذا كذِب على الله تعالى؛ لأن الله تعالى خاطَبَنا في القُرآن باللِّسان العرَبيِّ، فيَجِب أن نَحمِل هذا القُرآنَ عليه بدون أن نُحرِّف.
وقد يَقول قائِل: هل هذا عامٌّ أو خاصٌّ بالآيات المُشكِلة؛ لأنه - أَحيانًا - تَمُرُّ آية يَسأَل عنها الإنسان ويَكون مَعناها واضِحًا جِدًّا مع العِلْم أنه لم يَسبِق أن قرَأ التَّفسير فيها، فهل في هذه يَقول: مَعناهُ الظاهِرُ هكذا، أو يَقول: أنا واللهِ لا أَدرِي؛ لأَنِّي لم أَقرَأ تَفسيرًا عن هذه الآيةِ؟
أَقول: إن الشيء الواضِح تَفسيره بمُقتَضى اللُّغة لا بأسَ به، فلو قال قائِل: ما مَعنَى قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}؟ وجاء عامِّيٌّ فقال:{أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} يَعنِي قُلِ: اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ ... قد قامَتِ الصلاة ... إلى آخِره؛ فهذا حرامٌ، لكن لو سُئِل عنها طالِب عِلْم يَعرِف مَعنَى الإقامة - إقامة الشيء يَعنِي: فِعْله على وَجه مُستَقيم -، فقال: مَعنَى: أَقيموا يَعنِي: ائْتُوا بها كامِلة؛ فليس هناك مانِع في هذا. أمَّا في مَسأَلة تَأبير النخل (١)، فلو قال قائِل: إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إذا تَكلَّم في أُمور الدُّنيا كالطِّبِّ وغيره لنا أن
(١) أخرجه مسلم: كتاب الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله شرعًا، رقم (٢٣٦٣)، من حديث عائشة وأنس - رضي الله عنهما -.