إشكال، والمَعروف أن المُضارع يُبنَى في مَوْضِعين: إذا اتَّصَلت به نون التَّوْكيد يُبنَى على الفَتْح، أو نون النِّسوة يُبنَى على السُّكون فلماذا هنا صار مَضمومًا؟ لأن نون التَّوْكيد هنا غير مُباشِرة للفِعْل، وعلى هذا التَّقديرِ يَكون بينها وبين الفِعْل واوُ الجماعة ونون الرَّفْع، فهي غير مُباشِرة حقيقةً مُباشِرة لفظًا، والفِعْل يُبنَى مع نون التوكيد المُباشِرة لفظًا وتَقديرًا، أمَّا هذه فهي في التَّقدير غير مُباشِرة؛ ولهذا بقِيَ الفِعْل مُعرَبًا، فيُقال: إنه مَرفوعٌ بالنون المَحذوفة لتَوالي الأَمثال، والواو المَحذوفة لالتِقاء الساكنين فاعِل.
وقوله تعالى:{لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}: {اللَّهُ} بالرفع خبَر مُبتَدأ محَذوف، أي: هو الله، ويَجوز أن تَكون فاعِلًا لفِعْلٍ محذوف أي: خلَقهما الله، ويَجوز أن تَكون مُبتَدأ، والخبَرُ مَحذوف، والتقدير: الله خالِقُهما، والأمر في هذا واسِع، بابُ الإعراب له وُجوهٌ.
وقوله تعالى:{قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} يَعنِي: اسأَلْهم سُؤالًا آخَرَ إذا أَقرُّوا بأن الخالِق هو الله تعالى فقُلْ لهم: أَخبِروني ما تَدعون من دون الله تعالى.
يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{تَدْعُونَ} تَعبُدون]، ويُحتَمَل أن يَكون المُرادُ به دُعاءَ المسألة؛ لأن الدعاء يُطلَق على مَعنيَيْن: الأوَّل: دُعاء المَسأَلة، والثاني: دُعاء العِبادة.
(١) أخرجه البخاري: كتاب التهجد، باب الدعاء والصلاة من آخر الليل، رقم (١١٤٥)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، رقم (٧٥٨)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.