للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دون حَدٍّ من حُدود الله فقد ضادَّ الله تعالى في أَمْره، وإذا بلَغتِ الحُدود السُّلْطان فلَعَن الله تعالى الشافِعَ والمُشفوع له، هؤلاء الجماعة الذين يَعبُدون الأصنام يَقولون: إنها شُفَعاءُ.

وقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ} يَعنِي: أتَتَّخِذونهم شُفَعاءَ، وهم لا يَملِكون شيئًا لا شفاعةً ولا غير شفاعة، وهنا قال تعالى: {لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا} و (شيئًا) نَكِرة في سِياق النفيِ، فتكون للعُموم، وكان مُقتَضى السِّياق أن يَقول: أَوَلَوْ كانوا لا يَملِكون الشفاعة، ولكنه أتَى بالعُموم ليَدُلَّ على أن هذه الأصنامَ لا تُفيد شيئًا أبَدًا لا تَشفَع ولا تَدفَع، وهي قد سُلِبت الشفاعة لدُخولها في العُموم، يَعنِي: لا يَملِكون الشفاعة ولا غيرها.

قوله تعالى: {أَوَلَوْ كَانُوا} فيها حَرْف عطفٍ بعد الهَمزة وقد ذكَرْنا مِرارًا ما يَقوله عُلماءُ النَّحو رَحِمَهُم اللهُ في مثل هذا التركيبِ وهو أنه إذا جاء حرف العَطْف بعد همزة الاستِفْهام يَقول علماءُ النَّحو رَحِمَهُم اللهُ: في إعرابه وَجْهان:

الوَجْه الأوَّلُ: أن تَكون الجُمْلة مَعطوفة، يَعنِي: الواو عاطِفة على الجُملة وتَكون مُقدَّرة.

الوجه الثاني: أو تَكون الهَمْزة في مَكانها، وحَرف العَطْف على شيء مُقدَّر يُناسِب المَقام.

وذكَرْنا أن الثانيَ رَأْي البَصْريِّين، والأوَّل رأيُ الكوفيين، وذكَرْنا أن القول بأن حَرْف العَطْف عاطِفٌ على ما سبَق أَوْلى؛ لأنه يَكفيك التَّقديرَ؛ ولأنه أحيانًا لا يَستَطيع الإنسان أن يُقدِّر الشيء المُناسِب، فإذا قال: الهَمزة حَرْف عَطْف، الهَمْزة للاستِفهام، والواو حَرْف عَطْف وما بعدها مَعطوفٌ على ما سبَق استَراح.

<<  <   >  >>