للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الألِدَّاء حتى تَخصِموهم وتُحاجُّوهم وتَغلِبوهم بالحُجَّة.

وهذا هو إبراهيمُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلَامُ حاجَّ قَوْمه بالعَقْل، قال الله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} فأَفَل الكوكب وغابَ {قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} أي: لا أُحِبُّ إلهًا يَغيب عنِّي، ولا يَعلَم بحالي {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ} أَقام الحُجَّة على ضَلال من عبَد الكواكِب {قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: ٧٧، ٧٨]، وكذلك احتَجَّ على الذي: {حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} [البقرة: ٢٥٨] إلى آخِر الآية، إلى غير ذلك.

فنحن في حاجة اليومَ إلى إعمال عُقولنا في الأدِلَّة العَقلية حتى نَحتَجَّ بها على مَن ضعُف إيمانه بالأدِلَّة السَّمْعية، أو على مَن فَقَد إيمانه بالأدِلَّة السَّمْعية.

مَسأَلة: بعض الناس يَعتَمِد على العَقْل في قَبول النُّصوص، يَعنِي: ما وافَق العَقْل قبِلوه وما لا فلا، نحن لا نُريد هذا؛ لأن كل عقلٍ يُخالِف النصَّ فليس بعَقْل، والذي دمَّر هؤلاء وقوَّض عُقولهم أنهم صاروا يَعتَمِدون على العَقْل قبل أن يَنظُروا في النُّصوص، ولو أنهم نظَروا في النُّصوص أوَّلًا، ثُم أَجرَوْها على العَقْل لعلِموا عِلْم اليَقين أن النَّقْل مُوافِقٌ للعَقْل.

فإن العَقْل في أمر الغَيبيَّات يَنبَغي ألَّا يُرجَع إليه؛ ولذلك نحن نَقول لهؤلاء الذين يَرجِعون إلى العَقْل في الأمور الغَيبيَّة نَقول: أنتُمُ الآنَ جانَبْتمُ العَقْل، إذِ العَقْل لا يُمكِن أن يَتحَدَّث عن شيء غائبٍ عنه أبدًا، فلو قال لك إنسان: تَحدَّث عمَّا وراء

<<  <   >  >>