حُصول هذه النِّعمةِ، وأنه هو الذي حصَلت به، لا أنه سبَب فهو كُفْر؛ لأن إضافة النِّعَم إلى أسبابها بالإعراض عن المُسبِّب وهو الله تعالى، واعتِقادُ أن هذه النَّعمةَ ليس لله تعالى فيها عَلاقة فهذا كُفْر بالرُّبوبية.
وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [{ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ} أَعطَيْناه {نِعْمَةً} إِنعامًا {مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ}] قوله رَحِمَهُ اللهُ: {خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً} أي: إنعامًا] في هذا نظَر؛ لأن الإنعام فِعْل المُنعِم، والنِّعمة عَطاء المُنعِم، يَعنِي: الشيء المُعطَى، فهل الأَليقُ أن نُفسِّر النِّعْمة بالإنعام، أو أن نُفسِّر النِّعمة بما أُعطيَه الإنسان؟
الجَوابُ: الثاني هو الظاهِر وهو والواقِع أيضًا؛ لأن التَّخويل، يَعنِي: أن هناك شيئًا مُخوَّلًا وهو النِّعْمة من أولاد ورِزق وزَوْجات ومَساكِنَ وغير هذا.
فقوله تعالى:{فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا} أي: سأَلنا أن نَكشِف ضُرَّه ثُمَّ إذا كشَفْنا الضُّرَّ وخوَّلناه نِعمةً منَّا بزَوال الضَّرَر الذي حصَل له قال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} يَعنِي: أُوتِيت هذا الشيءَ على عِلْم، وما المُراد بالعِلْم هنا: هلِ المَعنَى أُوتِيته على عِلْمٍ من الله تعالى أني له أَهْل فأنا جَديرٌ به ومُستَحِقٌّ له أو المَعنى: على عِلْم مِنِّي بوجود المَكاسِب.
فهو يَشمَل الأَمْرين فهو يَقول:{أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} بأني أَهْل له وأُوتِيته أيضًا من كَسْبي، فيَكون بذلك مانًّا على الله عَزَّ وَجَلَّ، ويَكون مُستَبِدًّا بنَفْسه يَجمَع بين الأمرين:
الأوَّل: المِنَّة ويَقول: ليس لله تعالى فَضْل عليَّ، بل هو أَعطاني ذلك لأنه يَعلَم أنني أهلٌ لذلك.