الوجه الثاني: أنَّه يَفوتُ به المعنى المستفاد من كلمة: {يُكَوِّرُ}، أما المعنى المستفادُ من الانتقالِ فهذا يُعْرَف من الآية الثَّانية؛ فحينئذٍ نستفيدُ فائِدَة جديدة غير فائِدَةِ الإدخالِ.
أما كَوْنُ الله تعالى يُدْخِلُ اللَّيل في النَّهار، ويُدْخِل النَّهار في اللَّيل؛ فهذا شيء معروف، ودلَّت عليه آيات أخرى.
وقوله:{وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} قال رَحِمَهُ اللهُ: [فيزيدُ].
وقوله:{وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ}: ذلَّلَهما؛ والتَّسخيرُ بمعنى التَّذليل، يعني ذلَّلَهما لمصالح العباد، بدليل قوله تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ}[النحل: ١٢]؛ إذن: التَّذليل هنا لمصلحة العباد.
و {الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} معروفانِ لا يحتاجان إلى تَعْريفٍ، ولو أنَّنا أردنا أن نُعَرِّفَهما بما يُعَرِّفُه أهْلُ الفَلَك لزدناهما غُمُوضًا، لو قلنا: إنَّ الشَّمْس كتلةٌ ناريَّة مُلْتَهِبَة ... إلى آخر ما قالوا؛ لكان النَّاسُ يبحثونَ عن الشَّمْس! وأين الكُتْلة، والقَمَر أيضًا كُتْلَة صخريَّة جامِدَة بارِدَة مُظْلِمَة ... إلى آخر ما قالوا؛ فيذهب الذِّهْن أيضًا كلَّ مَذْهَب، لكن إذا قلنا: الشَّمْس آية النَّهار، والقَمَر آية اللَّيل؛ فالكُلُّ يَعْرِفُها؛ وهذا أَوْضَحُ من كلِّ شيء.
{وَسَخَّرَ} ذلَّلَهما في جريانِهما، وفي اختلاف هذا الجري، فكونُهما يدوران على