للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخبر أن فاطمة بَضْعَةٌ منه (١).

يقول: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} والزوج يُطْلق على معانٍ منها: الصِّنف؛ كقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} [ص: ٥٨] أي: أصناف، وكقوله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات: ٢٢] أي: أصنافهم؛ ويُطْلَق الزوج على ما سوى الفَرْدِ؛ أي الشَّفْع، فيقال: فَرْد وزَوْج.

وكلمة زوج هنا تشمل المعنيينِ؛ فهي صنفٌ من البَشَر، وهي أيضًا زوج تشفع آدَمَ بعد أن كان فريدًا.

قال رَحِمَهُ اللهُ: [{وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ} الإبل والبقَر والغَنَم والضَّأن والماعز {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ}].

قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ}: الإنزال هنا بمعنى: الخَلْق؛ لأنَّها أُضيفَتْ إلى أعيان وهي الأَنعامُ، والأنعام جمع: نَعَمٍ؛ كأسبابٍ جَمْع: سَبَب.

وقوله: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} أي: ثمانية أصنافٍ، وقد بيَّن الله هذه الأزواج في سورة الأنعام فقال: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: ١٤٣] {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: ١٤٤]، فالجميع ثمانيةٌ؛ ذَكَرٌ وأنثى من كل صِنْف من الأصناف الأَرْبعَة، وإذا ضربْتَ اثنين في أربعة صارَتْ ثمانية؛ قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [مِنْ كُلٍّ زَوْجَانِ، ذَكَرٌ وَأُنْثَى كَمَا بَيَّنَ فِي سُورَة الْأَنْعَام].

ثم قال تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ}.


(١) أخرجه البخاري: كتاب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب مناقب قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رقم (٣٧١٤)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة بنت النبي عَلَيْهَا السَّلَامُ، رقم (٢٤٤٩)، من حديث المسور بن مخرمة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>