للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فما هو الشُّكْر؟ الشُّكْر حدَّه بعْضُهم بحدًّ جامعٍ مانِعٍ، فقال: الشُّكْر هو القيامُ بطاعة المُنْعِم اعترافًا له بالجَميل، ويكون بالقَلْب واللِّسان والجوارِح.

وعلى هذا قول الشاعر:

أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ منِّي ثَلَاثَةً ... يدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِيرَ المُحَجَّبَا (١)

إذن: الشُّكْر القيامُ بطاعة المُنعِم اعترافًا له بالجميل، ومَحَلُّه في القلب واللسان والجوارح:

الأول: بالقَلْب؛ أن يُؤْمِن الإنسان بِقَلْبه بأنَّ هذه النِّعَم مِن الله عَزَّ وَجَلَّ تَفضُّلًا منه، ولا يقول: هذا لي، أُوتِيتُه على عِلْمٍ عندي، بل يقول: هذا مِن فَضْل ربي.

الثاني: باللِّسانِ؛ أن يتعبَّد لله تعالى بكلِّ قولٍ شَرَعه، ومن ذلك أن يتحدَّث بنِعْمَة الله، فإنَّ هذا مِن الشُّكْر؛ لأنَّه قول مَشْروع، قال الله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: ١١] مثل أن يقول: كنت فقيرًا فأغناني الله، الحَمْد لله، أنا عندي وَلَد، عندي زوجة، عندي بيت، عندي سيارة، الحمد لله أنا أَطْلُب العلم، أنا حَصَّلتُ كثيرًا من العلم، وهكذا؛ فهذا من الشكر بشرط ألا يكونَ الحامِلُ على ذلك الفَخْرَ أو الرِّياءَ؛ لأنَّ بعضَ النَّاس يتحدث بالنِّعَم من باب الثَّناء على الله؛ أنَّ الله أعطاه ومَنَّ عليه وتَفضَّل عليه.

وأما الجوارح فظاهِرٌ؛ أن تُظهِرَ نِعْمَة الله عليك بالجوارح؛ فمثلًا إذا أعطاك الله قوةً وشجاعَةً تُظهِر ذلك بالقُوَّة في ذاتِ الله مِن جهادِ الكفَّار والمنافقين وغيرهم.

المهم: أنْ يَظْهَر عليك أثَرُ النِّعْمَة في أفعالك، فتقوم بعبادة المُنْعِم عَزَّ وَجَلَّ.


(١) غير منسوب، وانظره في غريب الحديث للخطابي (١/ ٣٤٦)، والفائق للزمخشري (١/ ٣١٤).

<<  <   >  >>