للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَأَدْخِلْهُمْ} أو على {وَعَدْتَهُمْ}، والأحسَنُ أن يَكون عطفًا على {وَأَدْخِلْهُمْ}، فيَكون الدُّعاء بالدُّخول شامِلًا لهم ولمَن صلَح من آبائهم وأزواجهم وذُرِّيَّاتهم.

فقوله: {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} هذا احتِرازٌ جيِّد حيث قالوا: {وَمَنْ صَلَحَ} ولم يَقولوا: وآبائِهم وأزواجهم وذُرِّيَّاتهم، قالوا: {وَمَنْ صَلَحَ}؛ لأنهم لو دعَوْا بالعُموم لكان فيه نوع من الاعتِداء في الدُّعاء؛ لأن الاعتِداء في الدُّعاء هو أن يَدعوَ الإنسان بما لا يُمكِن شَرْعًا أو حِسًّا، كل مَن دعا الله تعالى بما لا يُمكِن شَرْعًا أو حِسًّا فإنه مُعتَدٍ في الدعاء، ولو زِدْنا أيضًا أو حِسًّا أو عادة فهو مُعتَدٍ، فلو سأَل الله تعالى أن يُخرِج له ولَدًا من جِدار بيته لكان هذا اعتِداءً في الدُّعاء، ولو سأَل الله تعالى أن يَجعَله نبيًّا لكان هذا اعتِداءً في الدُّعاء؛ لأن ذلك لا يُمكِن شرعًا، ولو سأَل الله أن يَجعَل السَّمواتِ والأرضَ بيَدِه لكان هذا مُعتَديًا في الدُّعاء؛ لأنه لا يُمكِن عَقْلًا، فما لا يُمكِن شرعًا، أو عقلًا، أو عادة، أو حِسًّا؛ فإنه لا يُدعَى الله به؛ لأن هذا اعتِداءٌ في الدُّعاء.

فهنا يَقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ} لو قالوا: آباءهم لكان فيه نَوْع من الاعتِداء حيث إن آباء هَؤلاءِ قد يَكونون مُشرِكين كُفَّارًا، لا يَستَحِقّون أن يَدخُلوا الجنَّة، فيَقول: {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ} جمع زَوْج، {وَذُرِّيَّاتِهِمْ} جمع ذُرِّيَّة، فذكَروا الأصول والفُروع والمُصاهَرة، الأُصول والفُروع: آباء وذُرِّيَّات، والمُصاهَرة: أزواج.

أمَّا إذَا قالَ القَائِل في دُعائِه: اللهُمَّ اغفِرْ لنا ولآبائنا وذُرَّيَّاتنا وإخواننا، وجَدَّاتنا وأجدادنا، وخالاتِنا وأَخْوالنا، وعمَّاتنا وأعمامنا، والأصول والفُروع والحَواشي، هذا ليس تَكرارًا للدُّعاء، إنما هو تَكرار للمَدعوِّ لهم، وأنت تَرى المَلائِكة الآنَ ما دعَت

<<  <   >  >>