للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السيِّئاتِ بمَعنى الأعمال السيِّئاتِ، فإنه يَتعيَّن أن نُفسِّر ذلك بعذاب السَّيِّئات؛ لأنَّ عمَل السَّيِّئات الآنَ قد انتَهَى وقته، وإنَّما المَوْجود هو الجزاء، فيُفسَّر حينَئِذٍ بالعذاب.

وأمَّا إذا فسَّرْنا السَّيِّئاتِ بما يَسوء دون العمَل الذي يَقَع من العبد، فإنه لا حاجةَ إلى أن نَقول: عذابها؛ لأنَّ العَذاب ممَّا يَسوء، فكأنهم قالوا: وقِهِم ما يَسوؤُهم من العذاب، والقاعِدة في التَّفسير وفي شَرْح الأحاديث: أنَّه إذا دار الأَمْر بين احتِمال التَّقدير وعدَم التَّقدير، فالأَوْلى عدَمُ التَّقدير، وعلى هذا فنَقول: السَّيِّئاتُ هنا لا يُراد بها الأعمال السَّيِّئات التي هي فِعْل العَبْد قطعًا؛ لأن هذا قد انتَهَى، وإنَّما يُراد بالسَّيِّئات ما يَسوء من أعمال، ومن عُقوبات، ومن عادات، ومن غير ذلك.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ} يوم القِيامة {فَقَدْ رَحِمْتَهُ}] مَنْ شرطيَّة، وجُملة {فَقَدْ رَحِمْتَهُ} جواب الشَّرْط، وإنَّما اقتَرَن جواب الشَّرْط بالفاء؛ لأنه مَبدوء ب (قَدْ)، وجواب الشَّرْط إذا بُدِئ ب (قَدْ) وجَب اقتِرانه بالفاء، وله نَظائِرُ ممَّا يَجِب اقتِرانه بالفاء.

المُهِمُّ: أنه يَجِب ارتباط جواب الشَّرْط بالفاء إذا وقَع واحِدًا من سبعة أُمور، مَجموعة في قول الناظِمِ:

اسْمِيَّةٌ طَلَبِيَّةٌ وَبِجَامِدٍ وَبِمَا ... وَقَدْ وَبِلَنْ وَبِالتَّنْفِيسِ (١)

التَّنفيس يَشمَل سوف والسِّين، وهذه الآيةُ من نوع قوله: {فَقَدْ رَحِمْتَهُ}.

قوله: {وَذَلِكَ} المُشار إليه وِقاية السَّيِّئات والرحمة {هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} {هُوَ}: يَجوز أن تَكون مُبتَدَأ، و {الْفَوْزُ} خبَرُه، والجُملة من المُبتَدَأ الثاني وخبَرِه


(١) غير منسوب، وانظر النحو الوافي (٤/ ٤٦٣).

<<  <   >  >>