الثاني: أنَّ البَسْط فيه التَّفصيل، والتَّفصيل خَيْر من الإجمال؛ لأنَّ الإِجْمال قد يَنسَى الإنسان فيه أَشياءَ مُهِمَّةً، ولا تَطرَأ على باله، لكن إذا فصَّل تَبيَّن الأَمْر.
الثالِث: أن التَّفْصيل في الدُّعاء انبِساط مع الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأن الداعِيَ يُناجِي ربَّه.
ومن المَعلوم أن مُناجاة المَحبوب يُستَحَبُّ فيها التَّطويل، أو نَقول بعِبارة ثانية: من المَعلوم أن مُناجاة المَحبوب يُحِبُّ الحَبيب أن تَطول المُناجاةُ بينه وبين حَبيبه، وهذا شيء مُشاهَد، إذا جلَس إليك مَن تُحِبُّ، فإنَّك تَوَدُّ أن يَطول الحَديث، وَيطول الجُلوس حتى إنَّ الزمَن يَنفَرِط بسرعة، وإن جلَس إليك الثَّقيل، قلت:
فأحيانًا يَجلِس إليك الثَّقيل، يُخاطِبك ويُكلِّمك، كلَّما خاطَبك بكلِمة ولو كانت ثَناءً عليك كأنَّما صفَع وَجْهَك؛ لأنَّك يَكون عندك كأنه جالِس على قلبك، لكن الحَبيب إذا جلَس إليك لا تَوَدُّ أن تُفارِقه، ولا تَمَلُّ حَديثه، ولكن من خير الجُلَساء؟
(١) انظر: روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار لابن قاسم الأماسي (ص: ٣٤٤).