للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لنَا جُلَسَاءُ لَا نَمَلُّ حَدِيثَهُمْ ... أَلِبَّاءُ مَأْمُونُونَ غَيْبًا وَمَشْهَدًا (١)

يَعنِي بذلِك: الكُتُب.

أَعَزُّ مَكَانٍ فِي الدُّنَا سَرْجٌ سَابِحٌ ... وَخَيْرُ جَلِيسٍ فِي الزَّمَانِ كِتَابُ (٢)

هَؤلاءِ همُ الجُلَساء الذين لا يَمَلُّون والذين يَنفَعون ولا يَضُرُّون.

فيَنبَغي البَسْط في الدُّعاء لثلاثة أَسْباب:

السبَبُ الأوَّل: لأنه عِبادة، فكُلَّما بسَطْت فيه ازدَدْتَ تَعبُّدا وتَقرُّبًا لله.

الثاني: أنه تَفصيل، والتَّفصيل خَيْر من الإجمال، لأنه قد يَكون في التَّفْصيل ما يَغيب عنك عند الإِجْمال.

والثالث: أنه انبِساطٌ مع الله الذي هو أَحَبُّ شيءٍ إليك، والحَديث مع المَحبوب لا شَكَّ أن كل أحَدٍ يُحِبُّ أن يَطول.

وانظُرْ إلى قول الرسول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، عَلَانِيَته وَسِرَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَنتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي" (٣)، يَكفِي عن هذا كلِّه أن يَقول: اللَّهُمَّ اغفِرْ لي ذَنْبِي، لكن البَسْط له تَأثير على القَلْب.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن مَن وُقِيَ السَّيِّئاتِ يوم القيامة، فقد دخَل في رحمة الله؛ لقوله: {وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ}.


(١) انظر: سراج الملوك لأبي بكر الطرطوشي (ص: ٢٠٧).
(٢) البيت للمتنبي، انظر: ديوانه (ص: ٤٧٩).
(٣) أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم (٤٨٣)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>