الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الرَّحْمة كما تَكون في جَلْب المَحبوب تَكون في دَفْع المَكروه؛ لقوله:{وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ}.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن هذا أعظَمُ فوزٍ؛ لقوله تعالى:{وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، ووجهه: أنه أَشار إليه بإشارة البَعيد؛ للدَّلالة على عُلوِّ هذا الفَوْزِ، ووَصَفه بالعَظَمة، فيَكون جامِعًا بين عُلوِّ المَرتَبة وعُلوِّ الماهِيَة أنه عَظيم.
فإن قال قائِل: قلنا: هو الفَوْز العظيم في قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}، هل يَدخُل النظَر إلى الله - عَزَّ وَجَلَّ - في هذه الآيةِ؟
فالجوابُ: أي نعَمْ؛ لأن الجَنَّة وما فيها فَوْز، دخول الجنَّة فَوْز، وأَعظَمُ النعيم في الجَنَّة هو النظَر إلى وجه الله؛ ولهذا ذكَرْنا أن قول الزَّمَخْشريِّ:"أي فَوْز أعظَمُ من هذا"(١) قلنا: هذه كلِمة حقيقةٌ، ولا يُعتَرَض عليها إلَّا لأننا نَعلَم أن الرجُل لا يُثبِت النظَرَ إلى وجهِ الله، وإلَّا لقُلْنا: متى دخَلْت الجَنَّة فأنت دخَلْت الجَنَّة بكل ما فيها من النعيم.