الفرق الأوَّل: أنَّ الحُكْم الشَّرعيَّ يَرضاه الله عَزَّ وَجَلَّ، والحُكْم الكونيَّ يَتَعلَّق بما يَرضاه وبما لا يَرضاه.
والفَرْق الثاني: أن الحُكْم الشَّرعيَّ قد يَقَع من المَحكوم عليه وقد لا يَقَع، وأمَّا الحُكْم الكَوْنيُّ فإنه لا بُدَّ أن يَقَع، فإذا حكَم الله على شخص بمَوْت، أو مرَض، أو فَقْر، أو عاهة، أو غير ذلك وقَع، ولا بُدَّ، وإذا حكَم الله على شخص بأن يُؤمِن ويَعمَل صالِحًا فقد يَقَع وقد لا يَقَع.
وقوله:{فَالْحُكْمُ لِلَّهِ} هنا يَشمَل الأمرَيْن جميعًا.
ويُستَفاد من هذا أنه لا يَجوز الحُكْم بالقَوانين المُخالِفة للشريعة، لقوله تعالى:{فَالْحُكْمُ لِلَّهِ}، وهذه الجُملةُ تُفيد الحصْر، أي: الحُكْم لله لا لغيره، والحُكْم بالقوانين المُخالِفة للشريعة قد يَكون كُفْرًا، وقد يَكون ظُلمًا، وقد يَكون فِسْقًا، كما ذكَره الله عَزَّ وَجَلَّ على هذه الوُجوهِ الثلاثة في سورة المائِدة، وهي من آخِر ما نزَل، فإن وُضِع الحُكْم القانوني شرعًا نافِذًا فهذا كُفْر، لأنه يَقتَضي رَفْع الحكْم الشَّرعيَّ وإحلال حُكْم