للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ} [الكهف: ١٠٣ - ١٠٥]، وقال تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ١ - ٣].

إِذَنْ: خَسارة البدَن دون خَسارة الرُّوح بكثير، خَسارة الدُّنيا دون خَسارة الدّين بكَثير؛ ولهذا قدَّم الله عَزَّ وَجَلَّ نِعْمته بإِراءة الآياتِ على نِعْمته بإنزال المطَر.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّ الآياتِ والرّزْقَ والعَطاء لا يَنتَفِع به إلَّا مَن أَناب إلى الله، أمَّا مَن لمُ يُنِب إلى الله فإن الله يَقول: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: ١٠١].

الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: أنَّه كلَّما كان الإنسان أكثَرَ إنابةً إلى الله كان أقوى إيمانًا بالآيات؛ لأنَّ الحُكْم المُعلَّق على وَصْف يَقوَى بقُوَّته وَيضعُف بضَعْفه، فإذا كان التَّذكُّر لمَن يُنيب، فكلَّما كان الإنسان أَقوَى إنابةً كان أَقوى تَذكُّرًا.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنَّ مَن لم يَكُن عنده إنابة فإنه يُحرَم من الانتِفاع بالآيات؛ لأنَّ الله قال: {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ}.

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنَّ الإنابة إلى الله سبَب لكَثْرة الرِّزْق، وَيدُلُّ لذلك قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٢، ٣]، واللهُ أَعلَمُ.

وإذا قال قائِل: كيف نُجيب على مَن يَقول: قولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: ٤٥]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: ٤٧]، أنَّ المُراد به الكُفْر؟

<<  <   >  >>