للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه مِمَّن لا يَرَوْن ذلك أنَّه عالٍ بذاته، فلهذا حرَّف القُرآن إلى أحَدِ هذين المَعنَيَين، وكِلاهما باطِل.

والصوابُ: أنَّه سُبحانَه رفيعُ الدرجات، ويَدُلُّ لهذا ويُعيِّنه قوله: {ذُو الْعَرْشِ}؛ أي: صاحِب العَرْش، والعَرْش هو أعلى المَخلوقات، فكأنَّه قال: رَفيع الدرَجات فوق العَرْش، وهذا هو المُتعَيِّن.

وقول المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ -: [{ذُو الْعَرْشِ}: خالِقه] فيه أيضًا إشارة إلى إنكار الاستِواء؛ لأنَّ مَعنى {ذُو الْعَرْشِ}؛ أي: صاحِبه المُستَوِي عليه، هذا هو المَعنى؛ ولهذا لا يُقال: ذو الأرض، ولا ذو السَّماء، ولا ذو الجِبال، ولا ذو السَّحاب، مع أنَّه خالِقها، فتَفسيره {ذُو الْعَرْشِ} بخالِقه لا شَكَّ أنَّه تَحريف للكَلِم عن مَواضِعه فِرارًا من إثبات الاستِواء على العَرْش.

وتَفسير الآية المُتعَيِّن أن نَقول: إنه رفيعُ الدرَجات؛ أي: هو نَفْسه - عَزَّ وَجَلَّ - مُرتَفِع، بل رفيع الدرَجات أتَى بالصِّفة المُشبَّهة الدالة على الثبوت والدوام، والدرَجات من الدرَجات المعروفة؛ أي: ما كان بعضُه فوقَ بعض حتى يَصِل إلى الغاية، وأمَّا {ذُو الْعَرْشِ} فمَعناه صاحِب العَرْش المُختَصُّ بالاستِواء عليه، هذا هو المُتعَيِّن من الآية.

قال المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ -: [{يُلْقِي الرُّوحَ} الوَحيَ {مِنْ أَمْرِهِ}؛ أي: قوله {عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}] إلى آخِره. {يُلْقِي الرُّوحَ} الرُّوح: الوَحيُ؛ لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: ٥٢] وسَمَّى الله تعالى الوَحيَ رُوحًا؛ لأنَّ به حَياة القُلوب، وقوله - رَحِمَهُ اللهُ -: [{مِنْ أَمْرِهِ} أي: قوله] وهذا جيِّد، هذا التَّفسير يَعنِي أن

<<  <   >  >>