الوحيَ من قول الله - عَزَّ وَجَلَّ -، يَقول: فيَسمَع جِبريلُ، ثُم يَنزِل به إلى مَن شاء الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -.
وقوله تعالى:{عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}، ولم يُبيِّن مَن هؤلاءِ، ولكننا نَعلَم أنَّهم الأنبياء؛ لأنهم هم الذين يُلقَى إليهم الوَحيُ، سواءٌ كانوا رسُلًا أم غير رُسُل، ثُم إنَّ قوله:{عَلَى مَنْ يَشَاءُ} إطلاق المَشيئة في كل مَوضِع جاءَت في القُرآن مُقيَّد بالحِكْمة، كلَّما رأَيْت الله يَقول: يَشاء، فإنَّه مَشيئة مَقرونة بالحِكْمة؛ لقوله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: ٢٨ - ٢٩]؛ ولقوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[الإنسان: ٣٠]، وهؤلاء الذين يَشاء الله تعالى أن يُلقِيَ عليهم الرُّوحَ بيَّنَهم في قوله:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}[الأنعام: ١٢٤].
وقوله:{مِنْ عِبَادِهِ} المُراد بالعِباد هنا: العُبودية الخاصَّة، وهمُ الذين آمَنوا بالله - عَزَّ وَجَلَّ -، بل ما هو أخَصُّ وهم الرُّسُل.
قوله:{لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} قال المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ: [{لِيُنْذِرَ} يُخوِّف المُلقَى عليه الناس] واللام هنا للتَّعليل، والإنذار هو: الإعلام المَقرون بالتَّخويف، ولهذا قال المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ -: [ليُخوِّف] تَفسيرًا بلازِمه، وإلَّا فإن الإنذار إعلام مَقرون بتَخويف، وقوله - رَحِمَهُ اللهُ -: [المُلقَى عليه الناس] أَفادَنا المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ - أن فاعِل (يُنذِر) هو المُلقَى عليه وهو الرسول، ولا شَكَّ أنَّه هو المُنذِر مُباشَرة، ويُحتَمَل أنَّ الفاعِل يَعود على فاعِل {يُلْقِي الرُّوحَ} وهو الله - عَزَّ وَجَلَّ -، أي: ليُنذِر الله، والحِكْمة من عدَم ذِكْر الفاعِل - والله أَعلَمُ - ليَصلُح الفِعْل للأَمْرين؛ أي: ليَكون صالِحًا لأنَّ يَعود الإنذار إلى الله،